حادثة الإفك وقعت في عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وفيها تم إتهام أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها بفعل الفاحشة مع أحد صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا الصحابي هو صفوان بن المعطل، وكان هذا الإتهام بعد الإنتهاء من غزوة بني المصطلق، حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يختار من بين نسائه واحدة حتى يأخذها معه إلى الغزوة، وكان في هذا الفعل حكمة لا يعلمها أحد إلا الله و سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، و فى هذه الغزوة وقع الاختيار على عائشة بنت الصديق.
السيدة عائشة فقدت عقدها و تخلفت عن الجيش
بعد انتهاء غزوة بني المصطلق، أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم منادياً ينادى في الناس، يدعوهم لتجهيز أمتعتهم وأنفسهم استعدادا للسفر، وكانت السيدة عائشة ترتدي عقداً في رقبتها كانت أختها أهدتها إياه، و قبل الرحيل وقع العقد منها ولم تشعر بوقوعه بسبب خفة وزنه، وفي الوقت الذي قام العساكر فيه بالرحيل، شعرت هي بفقدها للعقد فعادت لتبحث عنه في المكان الذي كانت فيه، وفي الوقت نفسه كان العساكر قد رحلوا وهم يظنون أن السيدة عائشة جالسة في هودجها، وعندما وجدت السيدة عائشة العقد عادت ولم تجد أحد، فلم يكن منها إلا أن جلست في مكانها في انتظار أن يشعر العساكر بافتقادها فيعودوا لأخذها.
ظلت السيدة عائشة في انتظار عودة أحد ليأخذها، وأثناء انتظارها غفلت عيناها ونامت، ثم بعد ذلك استيقظت على صوت منادي ينادي عليها، وكان المنادي هو الصحابي صفوان بن المعطل، حيث أنه كانت مهمته أن يقوم بتفقد الجيوش وأغراضهم بعد الإنتهاء من الحرب للبحث عن المفقودات، فأخذ الصحابي الجليل السيدة عائشة على حصانه وذهب بها إلى المدينة.
بداية انتشار شائعة الإفك
عندما وصل الصحابي صفوان بن المعطل ومعه السيدة عائشة، بدأ المنافقين من النساء والحاسدات بنشر الإشاعات والأقاويل عن السيدة عائشة والصحابي صفوان بن المعطل بأنهما قد ارتكبا الفاحشة، وعندما سمع الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الكلام لم يقل لها شئ، ولكنه حزن لما يقال عن زوجته، فمرضت السيدة عائشة وطلبت من الرسول بأن تذهب إلى بيت أمها، وبعدها خرج الرسول صلى الله عليه وسلم ليخطب في الناس، حيث قام باستنكار ما يرددونه عن زوجته وعرضه.
بعد ذلك توجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى منزل أبي بكر الصديق، وقال للسيدة عائشة، أنه وصله عنها بأنها ارتكبت الفاحشة مع الصحابي صفوان بن المرطل، وقال لها إن كنتي بريئة فسيبرئك الله، وإن كنتي مذنبة فتوبي إلى الله، فإن العبد إذا أذنب ثم تاب، تاب الله عليه، فقالت له بأنها لن تتوب عن ذنب لم تفعله، وتلت قوله تعالى (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون)، فنزل الوحي مؤكدا براءتها، حيث يقول الله تعالي:{ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ. (11) لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ . (12)} سور النور.
الدروس المستفادة من حادثة الإفك
1- التحذير الشديد من انتشار الإشاعات بين الناس، وعدم تتبع عورات الناس، والتبين قبل تصديق أي إشاعة.
2- تجنب وضع النفس في مواقف الشبهات إلا للضرورة.
3- الحكمة في التعامل مع المواقف الصعبة والخطيرة، وتجنب التعامل بحدة وتسرع.
4- الاعتراف بسابق الجميل للناس إذا صدر منهم الخطأ.
5- الصبر على الإبتلاء فإن فرج الله قريب.