تُشير الرواياتُ التاريخيّةُ إلى أنّ مدينةَ القاهرةِ قد تأسّست عام 969 للميلاد على يد القائد الفاطميِّ المُسلمِ جوهرُ الصّقلي، وجاء ذلك بعد أن دخل الفاطميّون مصرَ وأصدر الخليفةُ المُعزُّ لدين الله الفاطميّ أمره بتأسيس هذه المدينة، ونفّذَ الأمر جوهرُ الصّقليّ، ومن الجدير ذكره أنّ القاهرة قد حملت لقب مدينة الألف مئذنة.

حياة جوهر الصقلي

– اسمه بالكامل أبى الحسين جوهر بن عبد الله، وهو يعرف باسم جوهر الرومي، وهو من أشهر القادة في التاريخ، ولد في عام 911م ، ولد في مدينة صقلية التي تقع في البحر المتوسط ونسب إليها، وكانت جزيرة صقلية في هذه الفترة إمارة فاطمية، وتربى جوهر الصقلي تربية عسكرية، وترقى حتى أصبح قائد القوات الفاطمية في عهد المعز لدين الله.

– أرسله المعز لدين الله الفاطمي على مصر حتى يفتتحها، فأستولى عليها من العباسيين ودخلها وأسس مدينة القاهرة، كما جاء في قام ببناء الجامع الأزهر، وبناء قصر المعز لدين الله الفاطمي ، جعلت القاهرة عاصمة للدولة الفاطمية، وأمر ببناء الجامع الأزهر فيها كي يكون مركز علمي وديني ، أرسل قواته بعد ذلك إلى دمشق وقام بغزوها، وقام جوهر الصقلي بحكم مصر حوالي أربع سنوات بدلًا من الخليفة الفاطمي

توحيد بلاد المغرب

– في عام 348 قام المعز بإرسال جيش إلى المغرب بقيادة جوهر الصقلي بعد نقضهم البيعة، وقاموا بإظهار ولائهم لأمير الأندلس الأموي، واحتلت الجيوش الفاطمية المدن في المغرب، وتقدموا في البلاد حتى وصلوا إلى المحيط الأطلسي.

– أمر جوهر الصقلي باصطياد الأسماك، وقام المعز لدين الله بإرسال إشارة منه إلى جوهر الصقلي أنه قام بأداء المهمة بأكمل وجه، وعاد بعدها جوهر الصقلي غانمًا وكان معه (سجلماسة وفاس) أسرى داخل أقفاص، ودخل بهما إلى مدينة القيروان وكان يوم مشهود.

فتح مصر وبناء القاهرة

– بعد أن تولى المعز لدين الله الفاطمي الخلافة في بلاد المغرب، عزم أن يقوم بفتح مصر فجهز جيش كبير وصل عدده إلى 100 ألف جندي، وولى جوهر الصقلي قيادة هذا الجيش، وخرج الإمام المعز بنفسه لتوديع جوهر الصقلي.

– جلس جوهر الصقلي أيام في معسكره وكان كل يوم يجتمع بجيشه فخاطب الإمام الدعاة الذين ساروا مع جوهر الصقلي وقال لهم حتى يحمسهم ((لو خرج جوهر هذا وحده لفتح مصر ولتدخل إلى مصر بالأردية من غير حرب، ولتنزل في خرابات ابن طولون وتبني مدينة تسمى القاهرة.

– زود المعز لدين الله جوهر بالجيش والأموال الوفيرة، وما يلزم للسفر، ودعم الجيش، وقام بأرسال عدد من السفن إلى ميناء إسكندرية حتى يسلمها، ودخل الإسكندرية واستولى عليها بدون قتال ، وعرف الفسطاط أنهم لا استطاعة لديهم في صد جيوش الفاطميين، فأرسل الوزير بن جعفر بن الفرات رسول إلى العلويين يطلب من جوهر الصقلي أن يعطيه الأمان، فوافق جوهر على إعطائه الأمان وكتب إليه يعاهده بنشر العدل، والطمأنينة، وترك الحرية في ممارسة الشعائر الدينية.

– ودخل بعدها جوهر الصقلي إلى مدينة الفسطاط عاصمة مصر، وخرج الوزير والعلماء والشعب في استقباله، ورحبوا به، وقام جوهر الصقلي هناك ببناء مدينة القاهرة، وتمت إزالة الخلافة العباسية من مصر بدون قتال، وبدون سيوف، وأصبحت مصر دولة فاطمية من ضمن الدول الدولة الفاطمية التي كانت تمتد من المحيط الأطلسي في الغرب إلى البحر الأحمر في الشرق.

– بنى جوهر الصقلي قصر كبير للمعز بلغت مساحته حوالي 70 فدان فوق الأرض التي بلغت مساحتها 340 فدان، واتخذها مقر له ، كانت الدولة الفاطمية في ذلك الوقت من أعظم الدول الإسلامية بالرغم من أنها كانت دولة شيعية، وانتشر فيها جميع أنواع العلوم.

وفاة جوهر الصقلي

في شهر ذي القعدة من سنة 381 هجرية اعتل جوهر، فعاده العزيز، وأرسل إليه خمسة آلاف دينار، ثم بعث له أيضا الأمير منصور بن عبد العزيز ومعه خمسة آلاف دينار أخرى، وتوفي جوهر سنة 381 هجرية. وقد قام العزيز بإرسال الحنوط والكفن للمتوفى، فكُفن في سبعين ثوباً، ما بين مثقل وموشى بالذهب، ثم صلى عليه العزيز، ودفن بالقرافة الكبرى، وأمر العزيز بترقية الحسين بن جوهرالصقلي، وجعله في رتبة أبيه، ولقبه بالقائد ابن القائد، ومكّنه من جميع ما خلّفه أبوه.