حرب تطوان هي تلك الحرب التي وقعت أحداثها بين كل من أسبانيا ، و المغرب ، و ذلك في خلال الفترة الزمنية ما بين (1859 م – 1860 م) ، و تحديداً في منطقة تطوران ، و الواقعة في شمال المغرب ، و هي حرباً سارع فيها الأسبان بإضفاء طابع الحرب القارية ، و الدينية عليها .
و ذلك راجعاً إلى الفجوة المفتوحة في بلاد المغرب في سنة (1844 -1845) هذا بالإضافة إلى تلك الالتزامات المفروضة على المغرب سنة (1856م) ، و لهذا فإن تلك الحرب قد شكلت منعطفاً تاريخياً هاماً بل ، و شديد التأثير في تاريخ المغرب ، و تحديداً في الفترة الزمنية في القرن التاسع عشر .
أهم الأسباب التي أدت إلى وقوع حرب تطوان (1860م) :-
يوجد عدداً من الأسباب التي أدت إلى نشوب حرب تطوان بين كل من الأسبان ، و المغاربة ، و من أهم تلك الأسباب :-
1- كانت معاهدة (1799م) قد أضفت نوع من أنواع الفتور القوي بل ، و التوتر التاريخي بين كل من المغرب ، و أسبانيا هذا بالعلاوة على اعتقاد أسبانيا بأن لها بعضاً من الحقوق الجغرافية التاريخية بالمغرب ، و ذلك يرجع لوجودها القديم في الأراضي الأفريقية ، و لذلك فقد عمدت في عام (1848م) باحتلال الجزر الجغرافيا الواقعة على مصب (نهر ملوية) ، و ذلك بدون استعمال أي قوة عسكرية إذ قد شجعتها على ذلك الأمر تلك الانتصارات التي استطاعت فرنسا تحقيقها بالمنطقة علاوة على تزايد درجة التأثير البريطاني في المنطقة .
مما جعل طموحها قريباً من التحقق ، و لذلك فإنها أخذت تتحين الفرصة لتقوم بلعب دوراً أساسياً على الأراضي المغربية ، و بالفعل لم تتأخر الفرصة طويلة إذ قامت قبائل الريف المسماة (أنجرة) بشن عدة غارات على كل الثغور المحتلة من جانب الأسبان ، و ذلك على أثر قيام الأسبان بإنشاء مترس جديد على الجهة الخارجية الخاصة بسور مدينة (سبتة) ، و ذلك في صيف (1859م) ، و أستغل الأسبان هذه الفرصة لإعلان الحرب على المغاربة .
حيث قد شكلت تلك الحرب بالنسبة إلى رئيس المجلس الحربي الأسباني الجنرال (أودونيل) حجة جيدة لمواصلة احتلال المزيد من الأراضي المغربية بالإضافة إلى شغل الرأي العام الأسباني بقضية حرب أفريقيا ، و بالتالي تحويل فكر الرأي العام الأسباني عن المشاكل الاقتصادية الكبيرة التي كانت تعاني منها أسبانيا في تلك الفترة من قبيل المضاربات المالية ، و فضائح القصر الأسباني ، و التي أصبحت تهدد بقاءه بشكل كبير .
2- اغتيال (دارمون) الوكيل القنصلي الأسباني بمدينة الجديدة .
3- قيام المغاربة بالاستيلاء على باخرة أسبانية .
4- توسيع منطقة النفوذ الخاصة بالأسبان في سبتة ، و الاستيلاء على بلدة بليونس من أجل ضمان تزويد المدينة المحتلة بالماء بالعلاوة على المواد الفلاحية .
أحداث حرب تطوان (1860م) :-
بعد فشل المفاوضات من جانب المغاربة ، و التي كان يترأسها النائب السلطاني بطنجة (محمد الخطيب) ، و الذي بذل أقصى جهده من أجل تجنب الحرب ، و إيجاد حلول سلمية للأزمة إلا أن أسبانيا مضت في تعنتها ، و تمسكها بعدد من الشروط المجحفة للجانب المغربي ، و خصوصاً عندما علمت بوفاة السلطان المغربي (المولى عبد الرحمن) ، و ذلك في 29 محرم (1276هــ) / 26 سبتمبر (1859م) هذا على الرغم من رأي الخطيب ، و بريطانيا بضرورة الحل السلمي ، و تجنب القتال ، و لكن ظل الأسبان يشترطون عدداً من الشروط الصعبة .
مثل ضرورة تسليم عدداً من المغاربة المشاركين في الهجوم على الممتلكات الأسبانية ، و بالفعل وقعت المعركة بين الطرفين إذ كانت القوات المغربية تتكون من ما عدده (5.600) مقاتلاً نظامياً تحت رئاسة مولاي العباسي أخ السلطان ، هذا علاوة على انضمام عدداً من المتطوعين من عدة قبائل مغربية ، و في البداية درات الحرب على المغاربة بشكلاً دفع الجنرال الأسباني ، و المتسلح بعتاداً حربياً حديثاً فتشتت شملهم ، و بشكلاً سريعاً ، و بالتالي تمكن جنود (أودونيل) القائد الأسباني من التقدم في داخل الأراضي المغربية، و من ثم الزحف على مدينة (تطوان) ، و أجبروا مولاي العباس على التراجع ، و اللجوء إلى المنطقة الجبلية التي تقع بين تطوان ، و طنجة .
أهم نتائج حرب تطوان :-
يوجد عدداً من النتائج التي ترتبت على حرب تطوان بين الأسبان ، و المغاربة ، و من أهمها :-
1- انكسار المسلمون بشكل كبير أمام الأسبان ، و تمثل ذلك في إزالة حجاب الهيبة عن بلاد المغرب ، و بالتالي زادت الأطماع الأسبانية في التراب المغربي .
2- قبول المغرب لدفع غرامة مالية قدرها (100) مليون بسيطة لأسبانيا .
3- زيادة حدود النفوذ الأسباني بسبتة .
4- منح أسبانيا حق الصيد في الجنوب المغربي (سيدي إفني) هذا بالعلاوة إلى تمتعها بنفس الامتيازات التي تم منحها لبريطانيا في عام (1856م).
5- اضطرار المغرب إلى الاستدانة المالية من بريطانيا بمبلغاً قدرها بنحو (10) مليون بسيطه هذا بالإضافة إلى فرض عدة أنواع جديدة من الضرائب على المغاربة من أجل الوفاء بالغرامة المالية لأسبانيا .
6- السماح للأسبان بوضع بعض الموظفين في بعضاً من الموانئ المغربية من أجل اقتطاع نسب معينة من العائدات الجمركية لصالح الحكومة الأسبانية .