قال رسول الله صل الله عليه وسلم : « إن الله أنر يحي بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، وأنه كاد أن يبطئ بها فقال عيسى : ‘ن الله أمرك بخمس كلمات لتعمل بها وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها فإما أن تأمرهم وإما أنا آمرهم فقال يحي : أخشى إن سبقتني بها أن يخسف بي أو أعذب فجمع الناس في بيت المقدس فامتلأ المسجد وتعدوا على الشُرف فقال : إن الله آمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن أولهن أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدًا من خالص ماله بذهب أو ورق فقال : هذه داري وهذا عملي فاعمل و أد إلي فكان يعمل ويؤدي إلى غير سيده فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك ؟ وإن الله أمركم بالصلاة فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت، وآمركم بالصيام فإن مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة فيها مسك فكلهم يعجب أو يعجبه ريحها وغن ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وآمركم بالصدقة فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عنقه وقدموه ليضربوا عنقه فقال : أنا أفديه منكم بالقليل والكثير ففدى نفسه منهم، وآمركم أن تذكروا الله فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في آثره سراعا حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله ».

إخبار الرسول للمسلمين بما أمره الله به :
وبعد أن انتهى الرسول صل الله عليه وسلم من هذا الحديث قال : « وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة فإن من فارق الجماعة قيد شبر خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع، ومن ادعى دعوى الجاهلية فإنه من جثا جهنم » فقال رجل : يا رسول الله وإن صلى وصام ؟ قال : « وإن صلى وصام فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله » [ حديث صحيح ]

في ضوء الحديث :
في هذا الحديث يروى لنا رسول الله قصة الكلمات الخمسة التي أمر الله به نبيه يحي وأمره أن يخبر بها قومه من بني إسرائيل ان يتبعوها وقد نفذ يحي أوامر رب العزة وجمع بني إسرائيل داخل المسجد الأقصى وأخبرهم بها وهي : عبادة الله وعدم الشرك به والصلاة والصيام والصدقة وذكر الله وأعطى مثال لكل منهم يوضح أهمية كل عبادة منهم، وبعد أن أنهى رسول الله هذا الحديث أخبر المسلمين أنه كذلك قد آمره الله بخمس عبادات على المسلمين تأديتها وأمره بإخبار المسلمين بها وهي : السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة، وقد شدد الرسول الكريم على اتباع المسلمين للجماعة وعدم تفرقهم والإنسلاخ عنهم وشبه من يفعل ذلك كمن خلع عن عنقه الإسلام، وكذلك من دعى بدعوة الجاهلية أي من دعا على فعل أو عادة كانت من فعل الجاهلية ويقصد بها التفاخر بالنسب والتعالي على المسلمين وهو من الكبر فكأنما أحضر من جثا جهنم أي من حجر جهنم حتى وإن صام أو صلى لا يمنعه ذلك من دخول النار ، ثم رغب المسلمين في التمسك بدعوى الإسلام لأن الله هو من سماهم المسلمين والمؤمنين وأنهم عباد لله.