يحب الإنسان بطبيعته التعرف والتآلف مع غيره من الناس، وقد جاء الإسلام فأكّد على هذا الأمر وعزّزه، فهو دين ألفة ومحبة، وأكد كذلك على أهمية الاختلاط بالناس والصبر عليهم، وأنّ المؤمن الذي يخالط الناس له أجر عظيم، وهو خير من الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم، وأكد كذلك على أهمية انتشار المحبة والمودة بين المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: (مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم مَثلُ الجسدِ، إذا اشتكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى)، والزيارة من الأمور التي تزيد من هذه الأُلفة بين المسلمين، وهي وسيلة من وسائل مخالطتهم، وتقوية رابطة الأخوة الإسلامية فيما بينهم.
تعريف الاستئذان
تم تعريف الاستئذان على أنه طلب الإذن لدخول مكان ما أو طلب السماح من صاحب الأمر للقيام بأي عمل أو تصرف لا يملك المستأذن حق التصرف به .
أنواع الاستئذان
هناك العديد من صور وأشكال الاستئذان ، ومنها ما يلي :
-الاستئذان قبل دخول المنازل ، وقد وردت آية قرآنية تتحدث عن أهمية الاستئذان في قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} سورة النور الآية [27] .
-الاستئذان قبل استخدام أدوات الآخرين ، وعلى سبيل المثال يجب أن لا تستخدم أدوات زملائك بالمدرسة أو زملائك بالعمل أو إخوتك أو أقاربك قبل أن تطلب منهم الإذن بذلك .
-الاستئذان قبل الدخول على أولي الأمر والمدراء في العمل .
-الاستئذان قبل دخول غرف الأم أو الأب أو الأجداد أو الإخوة .
-الاستئذان قبل تناول الطعام مع الآخرين .
أما الأماكن العامة والتي لنا بها متاع مثل الأسواق والمستشفيات والمساجد وغيرها ؛ فهي لا تتطلب أن يتم الاستئذان قبل دخولها .
آداب الاستئذان والزيارة
-الاستئذان ثلاثة مرات وإذا لم يصدر رد من صاحب المنزل فعلى المُستأذن أن يرجع ، وفي هذا الصدد قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم : ” إذا أستأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع ” مُتفق عليه .
-عند الاستئذان لدخول المنزل فيجب أن يأخذ المستأذن جانبًا وأن لا يقف أمام الباب مباشرةً ، “وعن عبدالله بن بسر أن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم كان إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ويقول : السلام عليكم “، صححه الألباني ورواه أبو داوود .
-كما يجب غض البصر وعدم التطلع بالنظر إلى داخل المنزل بل يجب أن يقوم المستأذن بغض طرفه عن النظر إلى ما هو كائن داخل البيت للحفاظ على حرمة وعورات أخيه المسلم .
-من المهم أيضًا عند الاستئذان لدخول أي مكان أن يتم إخبار صاحب هذا المكان بالاسم ، وغير مُستحب أن يكون الرد على سؤال من الطارق بِـ ” أنا ” بل يجب ذكر الاسم .
-وعند الاستئذان لدخول المنزل فيجب أن يتم الطرق على باب المنزل برفق بحيث لا يُسبب الإزعاج أو القلق إلى أهل المنزل ، حيث يجب النقر على الباب بصوت يسمعه أهل المنزل ولا يزعجهم في نفس الوقت .
-كما قد وردت بعض الآيات القرآنية التي أشارت إلى ضرورة تعليم الأطفال الاستئذان مثل قوله تبارك وتعالى : {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} سورة النور الآية [59] .
-كما يجب أن يلتزم الزائر بالمكان الذي يحدده له صاحب المنزل بالجلوس به وأن لا يقوم بالتنقل بين أجزاء المنزل دون إذن من صاحبه لأن ذلك من شانه أن يؤدي أيضًا إلى انتهاك حرمة المنزل .
فوائد الاستئذان
هناك العديد من الفوائد والنتائج الإيجابية التي تترتب على انتشار ثقافة الاستئذان بين أفراد المجتمع ، ومن أهمها :
-التحلي بثقافة الاستئذان تدل على أن صاحبها شخص راقي وذو أدب رفيع وتدل أيضًا على عفته وحيائه وحرصه على عدم الاطلاع على عورات الآخرين أو الاستماع لحديث خاص بهم لا يجب أن يسمعه أحد غيرهم .
-صيانة حرمة البيوت : حيث أن الاستئذان وعلى وجه الخصوص قبل الدخول إلى البيوت يُساعد في الحفاظ على حرمة هذه المنازل ، ويرفع عن أهله الحرج ويُساعد على حفظ العورة ، والمقصود بالعورة هنا هي عورة البدن ، وعورة الملبس ، وعورة الطعام والأثاث وغيرها .
-يُعطي صاحب المنزل الاحترام والمكانة وحرية التصرف في السماح للآخرين بدخول منزله من عدمه .
-يعتبر الالتزام بالاستئذان من أهم سبل الامتثال لأوامر الله عز وجل والتزاماً بالسنة النبوية الشريفة .
-يُساعد على نقل ثقافة الاستئذان إلى النشأ الصغير وبالتالي يتم تعويدهم على الالتزام بالحصول على الإذن قبل دخول منازل الغرباء أو الجيران أو الأقارب والإذن قبل استخدام أغراض الآخرين والإذن أيضًا قبل دخول حجرات الآخرين ، وهكذا .
-كما أن انتشار ثقافة الاستئذان بين أفراد المجتمع من شأنها أن تجلب إلى كل شخص الطمأنينة من عدم انتهاك أي شخص آخر لحرمة منزله .
-الاستئذان والحصول على موعد سابق لزيارة أي شخص تجعله قادرًا على الاستعداد جيدًا لاستقبال أي زائر دون كشف لعورات أهله ومنزله .