يعدّ السّلام من الأمور المحبّبة الّتي حثّنا ديننا الإسلاميّ عليها، نظراً لأنّه يزيد الودّ والمحبّة بين النّاس، ويساهم في ربط أواصر العلاقات فيما بينهم، ونظراً لذلك سنذكر لكم في هذا المقال بعض الآداب الواجب على الشخص اتّباعها في السلام.

آداب السلام

يحث الإسلام على السلام وضرورته ، بداية من الكتاب الكريم : حيث قال تعالى { فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } سورة النور الآية 61 .

ويقصد الله من تلك التحية ” السلام عليكم ورحمة الله ” ، حيث أنها تحية المسلمين ، وتعتبر شعارًا لهم ، حيث ورد في الحديث الشريف ” لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا آدَمُ اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى مَلَإٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ ، فَقُلْ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، قَالُوا : وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ ، فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ بَيْنَهُمْ ” رواه الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .

ويعتبر إفشاء السلام بين عموم الناس من الأمور التي تقرب العبد من ربه ، لأنه يساعد في التخلص من البغضاء والكراهية التي قد تكون في نفوس بعض الأشخاص تجاه الآخرين ، ويشتمل السلام على العديد من المعاني الجميلة التي تدل على عظمة الدين الإسلامي ، فيحمل السلام في طياته معاني مثل السلامة والتحية ، ومن المميز في إفشاء السلام أنه ليس مجرد عادة اجتماعية في المجتمعات الإسلامية ، لأن التقاليد والعادات من شأنها أن تتغير بتغير البيئة وتطور العصور ، ولكن السلام أدب من الآداب الثابتة المحددة التي أمر بها الله تعالى ورسوله الكريم صلِّ الله عليه وسلم .

وتشتمل آداب الإسلام على العديد من القواعد ، منها أن تُصطحب تحية الإسلام ببشاشة الوجه ، وأن يكون هناك حرارة في اللقاء بدون رياء ، كما لا بد من تكرار السلام إذا كان يُلقى على مجموعة كبيرة من الناس . ويكون رد السلام مثل السلام ، ومن الأفضل أيضًا أن يزيد عنه ، فجواب تحية السلام  : وعليكم السلام ورحمة الله ، ولكن لا يجوز أن يقتصر جواب التحية على “وعليكم السلام) فقط دون البقية ، لأن ذلك يعتبر أقل من التحية ، وليس بمثلها أو أفضل منها، حيث قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } سورة النساء آية 86 .

آداب الاستئذان

يدل الاستئذان على التربية والعفة لصاحبه ، فهو أدب رفيع من الآداب التي تدل على حياء الإنسان واحترامه لخصوصيات الآخرين ، وتمنعه عن إحراج الآخرين ، ويُقصد بالاستئذان هنا أن يتم طلب الإذن بالدخول ، سواء كان الدخول إلى بيت ، أو مجلس يجتمع فيه الناس ، بالإضافة إلى طلب الإذن في مواقف أخرى مثل الخروج من المكان ، أو طلب السماح بإبداء رأى ما أو الحديث بشكل عام في أي مجلس .

ويقترن الاستئذان بالسلام ، بل لا بد أن يتقدم السلام على الاستئذان ، بمعنى أن تقول تحية السلام أولًا ثم تطلب السماح بالدخول ، وهناك دليل على ذلك من السنة النبوية ، حيث ورد في الحديث الشريف :

” حَدَّثَنَا رَجُلٌ مَنْ بَنِي عَامِرٍ ، ” أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتٍ ، فَقَالَ : أَلِجُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَادِمِهِ : اخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمْهُ الِاسْتِئْذَانَ ، فَقُلْ لَهُ قُلْ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، أَأَدْخُلُ ؟ ، فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ ، فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، أَأَدْخُلُ ؟ ، فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَدَخَلَ ” حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، قَالَ : حُدِّثْتُ أَنَّ رَجُلًا مَنْ بَنِي عَامِرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ مَنْصُورٍ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ رِبْعِيٍّ ، عَنْ رَجُلٍ مَنْ بَنِي عَامِرٍ ، أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ ، قَالَ : فَسَمِعْتُهُ ، فَقُلْتُ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، أَأَدْخُلُ ؟ . ” رواه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ رِبْعِيٍّ .

آداب الاستئذان من سورة النور

أمر الله سبحانه وتعالى بالالتزام بآداب الاستئذان حفاظًا على حرمة البيوت ، وحفاظًا على الاحترام والود المتبادل بين الناس ، ولعل سورة النور من أبرز السور التي تحدثت عن الاستئذان في القرآن الكريم : حيث قال تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } سورة النور الآية 27 .