جعل الله سبحانه وتعالى لكل نبي معجزات تميزه بين قومه حتى يؤمنوا بالله وبما أنزله على نبيه، فعيسى عليه السلام تحدث في المهد، ونبي الله إبراهيم قُذف في النار ولم تمسسه أبدًا، أما إسماعيل عليه السلام ففُدي بكبشٍ عظيم، ونبي الله موسى كلمه الله من فوق الجبل، أما سيدنا محمد فمعجزاته كثيرة ومتعددة وأولها القرآن الكريم. أضف على كل تلك المعجزات معجزات سيدنا سليمان عليه السلام الذي سخر الله له الإنس والطير والجان.

من هو سيدنا سليمان عليه السلام

هو النبي سليمان بن داوود ابن ايشا بن عويد بن عابر عليه السلام، والذي يعود نسبه إلى يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام، وهو أحد أنبياء بني إسرائيل الذي أرسله الله فيهم كي يدعوهم لعبادة الله الواحد الأحد. وسليمان عليه السلام واحد من أشهر الأنبياء الذين ذُكروا في القرآن الكريم، وتحدث عنهم دستورنا العظيم فجاء في الكتاب عظمة مُلكه وشموخ اسمه وحِكمته البالغة.

إنه النبي سليمان بن داوود الذي وهبه الله ملكًا لم يملكه أحد من قبله ولا حتى من بعده، فوَهبه الحكمة وعلمه منطق الطير والحيوان وسخر له الرياح تمشي بأمره، وهيأ له ما حوله من مُلك، وجعله الله مُسيطر على الأرض وما فيها وكل ذلك بإذن الله وقدرته.

صفات سليمان عليه السلام

كان نبي الله سليمان يتصف بالذكاء والفطنة وحسن السياسة والتدبير، حتى أنه فاق أبيه وحكم بين الناس في عدة قضايًا ،فكان حكمه الحق النافذ. وقد ورث سليمان المُلك عن أبيه داوود عليه السلام، كما وهبه الله النبوة كأبيه تمامًا، فيمكن أن نقول بتشبيه مجازى أنه ورث المُلك والنبوة أيضًا، حيث قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)(سورة النمل، الآية 16).

ومن إنجازات سليمان عليه السلام بعد ورثه الملك بأربع سنوات، إعماره للبيت المقدس،كما أوصاه أبوه النبي الكريم داوود عليه السلام، وقد كان نبي الله سليمان عليه السلام من المجاهدين في سبيل الله، فكان يهتم بأمور الجهاد ويعتني بالخيل ويُعدها من أجل الجهاد لنشر عبادة الله الواحد الأحد. ومن عظيم قوة النبي الكريم أنه كان في ذلك الوقت يمتلك أسطولًا بحريًا عظيمًا، وجيشًا جرارًا من الإنس والجن والطير والحيوان.

معجزات سيدنا سليمان عليه السلام

تُعد معجزات سيدنا سليمان من أعظم المعجزات التي وهبها الله لأحد من أنبيائه، حيث كانت معجزاته مصاحبة له في كل حين واستطاع أن يطوعها لخدمة قضيته ومجتمعه الذي يحكمه، فاستغلها في إعمار الأرض وصنع بها الحضارة التي كان ومازال الجميع يحكي عنها، فقد كان مُلك سليمان أعظم ملك على وجه الأرض واستطاع أن يحكم الإنس والجان بقبضة من حديد. وفيما يلي استعراض لأبرز معجزات سيدنا سليمان:

  • علمه الله منطق الطير والحيوان: كان نبي الله سليمان عليه السلام يفهم منطق الطير والحيوان والنبات والحشرات، ولعل أغلبنا يعلم قصة النملة التي سمعها نبي الله تحذر قومها من جيش سليمان، كما في قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا) (سورة النمل، الآية 18/19). وقد خص الله تعالى الطير بالذكر في كتابه العزيز عندما قال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)(سورة النمل، الآية 16). فقد سخر الله سبحانه وتعالى له الطير من أجل إرسال الرسائل ونقل الأخبار، كما كان الهدهد يفعل حين نقل لسيدنا سليمان خبر مملكة سبأ وملكتها بلقيس، كما كانت الطيور تُلطف الجو بأجنحتها فوق الجنود وتظلل الجيش.
  • تسخير الجن: كانت تلك المعجزة من أعظم المعجزات التي ظلت عالقة في الأذهان علي مر العصور، فقد مكن الله نبيه سليمان وقدره على الجن، فكان يأمرهم بما ينفع ولا يضر، وكانوا يغوصون بأمره في أعماق البحار لاستخراج اللؤلؤ والمرجان والكنوز الثمينة. والجن نوعان؛ منهم من كان يخضع لأوامره، فهو في أمان. أما النوع الثاني فكان يتمرد على أوامره ويخالفها، فكان عقابه السجن والتقييد بالسلاسل الحديدية، كما قال تعالى في كتابه العزيز: (وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ*وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ)(سورة ص، الآية 37/38).
  • تسخير المعادن: حيث طوع الله سبحانه وتعالى له النحاس فصنع منه الأسلحة للجهاد في سبيل الله، فقد قال تعالى في كتابه العزيز: (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) (سورة سبأ،الآية 12)، وعين القطر هي النحاس المذاب.
  • تسخير الريح: فقد مكن الله سليمان عليه السلام من تسخير الرياح، فكانت طوال حياته تتحرك بأمره، ودليل على ذلك الآية الكريمة: (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ*فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ)(سورة ص، الآية 35/36). ومن المعروف عن الرياح أنها كانت تتميز بسرعتها الفائقة فتقطع المسافات في غمضة عين، وقد استعملها النبي لنصرة عبادة الله فكان يرسلها لتحمل السحاب وتلقيه على القرى فتسقط فيها الماء.