قصة يوحنا المعمدان أو كما يعرف عند العرب هو سيدنا يحيى عليه السلام مع سالومي ، هي قصة خالدة ألهمت كثير من الأدباء والشعراء برغم قسوتها وبشاعة ، و لكن يجب معرفتها منذ البداية .

قصة هيرودوس وهيروديا
كان يحكم الشام حاكم روماني اسمه ” هيرودوس ” ، وقد كان وثنياً شرّيراً ، و كان لأخ هيرودس فيليبس زوجة جميلة تسمى هيروديا ، وكانت هيروديا امرأة في غاية الجمال ، هيرودس يعشق زوجة أخيه ، كما كانت هيروديا تبادله الحب والشهوة ، وهذا ما جعل هذا الحب يزداد اشتعالا .

ورغم حبهما المتبادل بينهم و لكن تبقا سؤال واحد لهيرودوس و هو ماذا يفعل وهي زوجة أخيه ، فهو لا يستطيع مقابلتها سوا بضع لحظات كالسرقة ، فماذا يفعل وجلس يفكر هو وهيروديا ودبرت ووجدت أخيراً ، أنه يجب التخلص من زوجها ، وشجعته هيروديا على ذلك لان الرذيلة قد لبستها من قمة رأسها إلى قدميها ، واستقر الأمر على أن يزجوا فيليبس في السجن حتى ينفرد بزوجته .

وفي الليلة الموعودة انسل أعوان هيرودوس في الظلام ، ودخلوا مخدع فيليبس وانقضوا عليه وشدوا وثاقه ، ثم قادوه إلى السجن وما إن طلع الصباح حتى كانت هيروديا في أحضان هيرودوس دونما رقيب عليها ، بل إنها جلست بجانبه على العرش أمام الجميع ، وصل الخبر إلى مسامع الناس في المدينة فاستنكروا ذلك  ،ولكنهم لم يجرؤا على البوح بما يستنكرونه .

علاقة سيدنا يحيى بهيرودوس وهيروديا
أما سيدنا يحيى عليه السلام وهو النبي التقي الذي كان يدعو إلى الله عز وجل ، ويبشر بقرب مجيء المسيح المخلِص البشرية من شرورها وأثامها ، فقد غضب غضباً شديداً وأخذ يقـــــول:إن هيروديا لا تحل له ، لأنها زوجة أخيه وأخوه لازال حياً.ثم اخذ يشتد في تقريعها ، وكان كلما قابل جماعة من بني اسرائيل ، أعلن سخطه على ما اقترف هيرودوس وزوجة أخيه .

بلغ هيرودوس خبر مايقول يحيى فغضب كثيرا ، وحنق عليه ولكنه لم يستطع أن يمد يده إلى يحيى بالأذى ، لأنه خشي من ثورة الشعب عليه فهذا نبي وشعبه يحبه ، ولكن كان حقد هيروديا على يحيى يكبر يوماً بعد يوم ، فراحت تحرض هيرودوس على قتله ، إلا أنه لم يلتفت إلى قولها بل كان يهدئ من روعها ، وفكر هيرودوس أنه إذا قتل فيليبس سوف يهدأ غضب يحيى ، ويعتبر الأمر بعد ذلك طبيعياً ، وأسرع إلى تنفيذ الامر وأمر جلاده لينفذ ذلك ، وما إن طلع الصبح حتى أصبح زوج هيروديا جثةً هامدة .

اشتدت حملة يحيى عليه السلام على الملك و عشيقته وراح يصفها بالقاتلة الفاجرة ، ويحرض على قتلها فثارت هيروديا واشتد غضبها وطلبت من الملك العشيق أن يبطش به، وإلا فأنها سوف تتركه فأمر الملك بأن يلقى في السجن ولكنه لم يجرؤ على قتله، وقد كان لهيروديا ابنة تفوقها سحراً وجمالاً تسمى سالومي، وقد اغواها جمالها وسحرها، ولم تعبأ بما حصل لأبيها لانها كانت مثل أمها تحب نفسها فقط ، فقد فرحت بانتقالها الى قصر هيرودوس ، تمرح وتجوب ساحاته وغرفه ودهاليزه مسرورة .

علاقة يحيى عليه السلام بسالومي أبنة هيروديا
وفي يوم من الأيام كانت تجـوب باحات القصر ، فاقتربت من السجن دون أن تعلم به فسمعت صوتاً عذباً وعميقاً ، فسألت عن مصدر هذا الصوت فأخبروها أنه صوت يحيى النبي المسجون في سجن القصر ، لانه نعت أمها والملك بالزنا والفجور ، وها هو يحرض الناس عليهما فدفعها الفضول لترى هذا النبي الذي تجرأ على الملك وعلى أمها .

وطلبت من الحراس أن تدخل وتراه ، ففتح لها الباب ودخلت فوجدت شاباً رائع الجمال والحسن وكان لشدة حسنه يسلب قلب كل من يراه ، مما جعلها تقع في حبه ، فاقتربت منه وراحت تتأمله ، فرفع رأسه ورأها أمامه فاستغرب وجودها وسألها من أنت؟ فأجابت أنا سالومي ابنة هيروديا ملكة البلاد ، فقال لها ابتعدي عني فقد ملأت أمك الأرض عصياناً .

فدنت منه و حاولت أن تلمسه بيديها وأن تقبله ولكن يحيى هرب منها وقال :- اخرجي أيتها الملعونة سالومي أنتي كأمك، فأصيبت سالومي بإحباطٍ شديد من ردة فعل النبي يحيى عليه السلام ، وتحول حبها إلى حقدٍ شديد ورغبة بالانتقام .

قصة مقتل سيدنا يحيى عليه السلام وطبق الفضة
 وفي يوم العيد أقبل إلى القصر الأشراف وكبار الدولة، واجتمعوا للاحتفال بالعيد، وكانت سالومي جالسة لاتشاركهم المرح فلاحظ هيرودوس هذا فقال لها اشربي حتى يذهب عنك الحزن ، فأجابته لا أرغب في الشرب ، فقال لها إذن قومي وارقصي ، فقالت لااريد ، فقال لها في اغراء إذا قمتي أعطيتك ماتشائين؟؟؟ فخطرت لها فكرة..إنها تستطيع أن تثأر من يحيى عن طريق الملك، فقالت للملك أقسم قال: أقسم لك ياسالومي بألهتي ، ففرحت سالومي وقامت بسرعة ترقص رقصتها الماجنه ، وبعد أن انتهت قال لها اهيريدوس أطلبي ماتشائين فصمتت بهدوء وأجابت:أريد رأس يحيى على طبقٍ من فضة .

قال في خوف لا يا سالومي لاتسأليني عن هذا ولكنها أصرت ، وأيدتها أمها هيروديا التي تتشوق للانتقام من يحيى ، فلم يجد هيرودوس غير تلبية طلبها ، فقال للجلاد بصوت منخفض نفذ ماطلبت ، ولم تمض لحظات حتى عاد الجلاد برأس يحيى في صحن من فضة ، وأمسكت سالومي بالصحن ، وقامت في تقبيل الرأس الذي ينزف دما بكل شهوانية ، فاستشهد يحيى و لكن كلماته ظلّت تدوّي داخل القصر ، و في المدينة كلها .

ما حدث بعد مقتل سيدنا يحيى
وذكرت بعض القصص اصابة هيرودوس بالجنون ، واستمراره سماع صوت سيدنا يحيى حتى بعد مقتله، وانتحار سالومي حزنا وندما على قتل يحيى عليه السلام والله أعلم ، وجاء تلاميذ يوحنا (يحيى) وأخذوا جثته ودفنوها، ثم جاؤوا إلى المسيح عيسى وأخبروه بمقتل يحيى عليه السلام .

وعندما سمع سيدنا المسيح بالنبأ حزن كثيراً و قال : ” لم يقم في مواليد النساء من هو أعظم منه ” ، وتسمى المنطقة التي شهدت مأسآة قطع رأس سيدنا يحيى عليه السلام أو ” يوحنا المعمدان ” كما يسمونه أهل الكتاب ، ورقصة سالومي القاتلة بقلعة مكاور حيث كانت تسمى سابقا ”  ” (ميخاروس ) والتي تقع على ” جبل مكاور ” في جبل بني حميدة في الجهـة الجنوبية الغربية من محافظة مأدبا .

وعلى بعد حوالي 30 كم منها ، إضافة ً إلى وقوعه بين مناطق زرقاء ماعين ، وشرقي البحر الميت ، حيث لم يتبقى منها إلا ّ بعض ٌ من آثارها مثل بقايا القصر ، والكنائس ، والأقنية ، والأعمدة ، والساحات ، والحجارة الضخمة ، والفسيفساء .