معجزة سيدنا نوح عليه السلام جائت من الله سبحانه وتعالى تأييدًا ونصرًا بعد أن استخف به قومه وأبوا أن يُطيعوه ويعبدوا الله عز وجل. أما المعجزة، فكانت سفينة نوح التي بناها طاعةً لله عز وجل، فكانت سببًا في نجاته ومن آمن معه من الطوفان الذي أتى على جميع من في الأرض من أحياء، لينالوا جزاء تكذيبهم وتعذيبهم لنبي الله الذي ما أراد بهم إلا خيرًا.
سيدنا نوح عليه السلام
نوح عليه السلام هو نبي الله الذي بعثه إلى قومه ليُعيدهم إلى عبادة الله وترك الشرك والوثنية، فقد مرت بعد آدم عليه السلام قرابة العشرة قرون، كان الناس خلالها يعبدون الله لا يُشركون به شيئًا، حتى كان في قوم رجال صالحون، معروفون بالزهد والورع والتقوى، فلما توفاهم الله، أقام الناس لهم التماثيل، وبدأوا يتوسلون بهم لنيل رضا الله، حتى تطور بهم الأمر فعبدوهم من دون الله عز وجل. ومن ثَمَّ بدأ نوح عليه السلام بأمر من الله عز وجل يدعوهم لترك الشرك بالله كي لا ينصب عليه غضب الله وعقابه.
وعلى الرغم من شدة إخلاص سيدنا نوح في دعوة قومه ليل نهار إلى عبادة الله، وإصراره وحرصه على مصلحتهم، كانوا دائمي الإعراض عنه، فكانوا يلفون ثيابهم على رؤوسهم، ويضعون أصابعهم في آذانهم من شدة الرفض والإعراض، وكان عليه السلام يحزن حزنًا شديدًا، إلا أنه كان لا يفقد الأمل في استجابتهم. ولم يكتفِ هؤلاء المشركون بالإعراض، بل تعمدوا إيذاء نبي الله بالقول والفعل، فكانوا يوبخونه ويضربونه في المجالس، حتى بلغ بهم الأمر إلى مُحاولة خنقه حتى وقع مغشيًّا عليه.
سفينة نوح عليه السلام
ظل نوح عليه السلام يُحاول إقناع قومه أعوام طوال اقتربت على الألف عام، فقد قال تعالى في سورة العنكبوت: {فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا} صدق الله العطيم، حتى بلَّغه الله سُبحانه وتعالى أنه لن يؤمن من قومه إلا من آمن منهم وهم قلة، فيئس نوح عليه السلام وقال داعيًا ربه كما ورد في سورة نوح: {ربِّ لا تذَر على الأرض من الكافرين ديَّارًا * إنك إن تذرْهم يُضلُّوا عِبادكَ ولا يلِدوا إلا فاجرًا كفَّارًا} صدق الله العظيم.
فاستجاب الله عز وجل لنداء نبيه نوح، وأمره أن يصنع فلكًا، ويجمع بها من آمنوا معه، كي ينجوا سويًّا مما أعده الله من عِقاب للمشركين. فبدأ نوح ببناء السفينة، مما أثار سخرية قومه وتهكماتهم لأنهم يرونه يبني سفينة وسط الصحراء، وكان من ضمن من يسخرون منه أحد أبنائه الذي أبَى أن يهتدي. ويُقال أن نوحًا عليه السلام قد بنى سفينة ضخمة مكونة من ثلاثة أدوار، بحيث يكون الدور الأول للحيوانات والثاني للناس والثالث للطيور.
معجزة سيدنا نوح
انتهى نوح عليه السلام ومن آمن معه من بناء السفينة وسط سخرية القوم واستخفافهم، وأخبر من آمن معه أن يستقلونها، وأخذ ما أمره الله بأخذه من الحيوانات والطيور، فقد قال تعالى في سورة هود: {حتى إذا جاء أمرنا وفارَ التَّنور قُلنا احمل فيها مِن كُل زوجين اثنين وأهلك إلا من سَبَق عليه القول ومَن ءامَنَ وما ءامَن معه إلا قليل} صدق الله العظيم، وإذا بالماء يتفجر من كل مكان فيخرج من الأرض وينزل من السماء، ليغرق كل ما يُقابله من بشر ودواب، ولم ينجُ إلا نوح ومن معه في السفينة كما ورد إلينا في قوله تعالى من سورة القمر: {ففتحنا أبواب السماءِ بماءٍ منهمر * وفجَّرنا الأرضَ عُيونًا فالتقى الماءُ على أمرٍ قد قُدر * وحملناهُ على ذات ألواحٍ ودُسُر} صدق الله العظيم. ويُقال أن السفينة ظلت تسير بهم بين الأمواج العالية منذ اليوم العاشر من شهر شوال حتى العاشر من المحرَّم، حين جفت الأرض، واستقرت بهم السفينة.