هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم، وكان من أئمة الاجتهاد، ومن الخلفاء الراشدين، يتصف بحسن الأخلاف وكامل العقل وحسن الصمت، وجيد السياسة، وكان حريصا على العدل والمساواة، ولد عام 61هـ في المدينة المنورة.
تربى وتعلم على أيدى الكثير من العلماء والفقهاء، وقد بلغ عدد شيوخه ثلاثة وثلاثين، فيهم ثمانية من الصحابة، وخمسة وعشرون من التابعين. وقد نهل من علمهم وتأدب بأدبهم ولازم مجالسهم حتى ظهرت آثار هذه التربية المتينة في أخلاقه وتصرفاته. فامتاز بصلابة الشخصية والجدية في معالجة الأمور والحزم والإرادة القوية، وهذه هي أهم العوامل التي أثرت في تكوين شخصيته.
ويعد عمر بن عبد العزيز من العلماء الذين تميزوا بقربهم من الخلفاء، وكان لهم أثر كبير في نصحهم وتوجيه سياستهم بالرأي والمشورة، ويحتل عمر بن عبد العزيز مكانة متميزة في البيت الأموي. ولذلك ولاه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة المنورة عام 87هـ.
ولاية عمر بن عبد العزيز على المدينة المنورة وأعماله فيها
– وضع عمر بن عبد العزيز ثلاثة شروط عندما أراد الوليد بن عبد الملك توليته إمارة المدينة المنورة وهي أن يعمل في الناس بالحق والعدل، ولا يظلم أحداً، ولا يجور على أحد في أخذ ما على الناس من حقوق لبيت المال ، و أن يسمح له بالحج في أول سنة، لأنه لم يحج في ذلك الوقت ، و أن يسمح له بالعطاء أن يخرجه للناس في المدينة.
– فوافق الوليد على هذه الشروط، وباشر عمر بن عبد العزيز عمله بالمدينة وفرح الناس به فرحا شديدا ، ومن أبرز الأعمال التي قام بها عمر بن عبد العزيز خلال توليه إمارة المدينة، تكوينه لمجلس الشورى بالمدينة. فعندما جاء الناس للسلام على الأمير الجديد بالمدينة، دعا عشرة من فقهاء المدينة، ثم قال: إني دعوتكم لأمر عظيم، وتكونون فيه أعوانا على الحق، إني لا أريد أن أقطع أمرا إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم، فإن رأيتم أحداً يتعدى، أو بلغكم عن عامل لي ظلمٌ فعليه أن يبلغني.
وخلال هذه المدة قام بتوسيع المسجد النبوي عن أمر الوليد بن عبد الملك له بذلك. وراح ينشر بين الناس العدل والأمن وجعل يذيقهم حلاوة الرحمة وسكينة النفس.
الإصلاحات السياسية لعمر بن عبد العزيز
من أهم ما يميز منهج عمر في سياسته، حرصه على العمل بالكتاب والسنة ونشر العلم بين رعيته وتفقيههم في الدين وتعريفهم بالسنة. فبعث العلماء في تعليم الناس وتفقيههم إلى مختلف أقاليم الدولة وفي حواضرها وبواديها. ومن الجوانب التي ركز عليها في الإصلاح السياسي ما يلي:
– الشورى: امتثالا لقول الله تعالى: “وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ” اهتم عمر بن عبد العزيز بتفعيل مبدأ الشورى في خلافته. وكان يستشير العلماء ويطلب نصحهم في كثير من الأمور كما كان يستشير ذوي العقول الراجحة من الرجال، وقد حرص على إصلاح بطانته لما تولى الخلافة، فقرب إلى مجلسه العلماء وأهل الصلاح وأبعد عنه أهل المصالح الدنيوية والمنافع الخاصة.
– العدل: اشتهرت خلافة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم فيها الرخاء والعدل في أرجاء الدولة الإسلامية حتى أن الرجل كان يخرج لأداء الزكاة من أمواله فيبحث عن الفقراء فلا يجد من في حاجة إليها. كما رد الحقوق إلى أصحابها، وأعلن لأبناء الدولة الإسلامية أن كل من له حق على أمير أو جماعة من بني أمية، فليتقدم بالشهادة لكي يرد عليه حقه. وتقدم عدد من الناس بشهاداتهم وراح عمر يردها واحدة بعد أخرى؛ أراض، ومزارع، وأموال، وممتلكات. كما أنه عزل جميع الولاة والحكام والمسئولين الظالمين عن مناصبهم، واختار الولاة والقضاة والكتاب الصالحين والأمناء.
الاصلاحات الاجتماعية لعمر بن عبد العزيز
– اهتم عمر بن عبد العزيز بإصلاح المجتمع كثيرا، وعمل على إزالة ما يتفشى فيه من المنكرات والبغى والفساد وما إلى ذلك من العادات السيئة والاعتقادات الباطلة. وذكر الناس بالآخرة وتحدث كثيرا عن الموت والآخرة والاستعداد للقاء الله في خطبه ومواعظة.
– وقد أنكر عمر بن عبد العزيز العصبية القبلية ورفض القيام بين يديه، وقد اهتم عمر بن عبد العزيز بأداء مهور الزواج من بيت المال لمن لم يستطع توفير ذلك، وهذه خطوة مهمة في إصلاح المجتمع، لأن صلاحه يتوقف على تحصين أبناءه بالزواج وظفرهم بالسعادة الزوجية، لأن المهر قد يكون عائقا لبعض الفقراء دون الزواج، خصوصا في حال غلاء المهور.
– وقد قام عمر بن عبد العزيز برعاية المدارس العلمية وتنظيم شؤونها في عهده حيث يتخرج فيها العلماء والدعاة والولاة والقضاة. واستطاعت تلك المدارس أن تخرج كوادر علمية. وكثير من العلماء الذين تخرجوا في تلك المدارس أعانوا عمر بن عبد العزيز على مشروعه الإصلاحي التجديدي ومن أهم تلك المدارس:
– مدرسة الشام.
– المدرسة المدنية.
– المدرسة المكية.
– المدرسة البصرية.
– المدرسة الكوفية.
– المدرسة اليمنية.
– المدرسة المصرية.
-مدرسة شمال إفريقيا.