في عام 1830 سقطت العاصمة الجزائرية في أيدي الإحتلال الفرنسي ، و انتقل الحكم من أيدي العثمانيين إلى الفرنسيين ، حتى قررت منطقة متيجة الريفية التصدي لهذا الاحتلال ، و اعتبرت هذه الحركة أولى أشكال المقاومة الشعبية المسلحة من قبل الجزائريين .
أسباب مقاومة متيجة
يمكن أن يتم اختصار كافة الأسباب في بضع كلمات ، و هي مقاومة شعبية مسلحة ضد الاحتلال ، تلك المقاومة تضمنت في داخلها عدد كبير من الأسباب الهامة ، و التي تمثلت فيما يلي :
– في المقام الأول يأتي كره الجزائريين لوجود مغتصب أجنبي يتحكم في خيرات أراضيهم .
– في المقام الثاني يأتي سقوط الحكم العثماني ، و الذي تسبب في وجود هوة سياسية ، و بالتالي كان لابد من وجود حركة وطنية بديلة .
– يلي ذلك سياسة الاحتلال ، و التي تمثلت في الاستحواز على كل خيرات الجزائر ، و إبعاد أصحابها عنها .
– و أخيرا تلك الفظاعة و الشراسة ، و التي تمثلت في معاملة الفنسيين للجزائريين ، و الجرائم البشعة التي ارتكبوها في حق الشعب الجزائري .
خصائص المقاومة
تمثلت المقاومة الشعبية في أنها مقاومة من أبناء الشعب نفسه دون رعاية من الدولة ، و قد قاد هذه الحركة بعض الزعماء و شيوخ القبائل ، و كان من بينهم قائد قبيلة فليسة أومليل السيد حسين بن محمد بن زعموم ، و كذلك قائد قبيلة السبت مسعود بن عبد الواد ، و غيرهم من علماء الصوفية ، و لم يكن لهم أي تنظيم سياسي أو عسكري ، و بالتالي افتقرت الحركة إلى الاستراتيجية المتكاملة لمواجهة الفرنسيين ، و تمثلت فقط في كونها مجرد رد فعل ، و كان منطلق هذه الحملة منطلق ديني جهادي ، و لم يتبلور المعنى الوطني السياسي إلا في بداية القرن العشرين ، فضلا عن بعض الخلافات التي دبت بين قادتها .
مراحل المقاومة المسلحة
مرحلة المناوشات
بدأت هذه المرحلة بسقوط عاصمة الجزائر ، و بشكل خاص بعد إدعاء المارشال دي بورمن بأن بعض البدو قد استولوا على مواشي تم ارسالها لتمويل الفرنسيين ، و بناء عليه قاموا بحملة على مدينة البليدة ، و كان ذلك في عام 1830 ، وقتها قام سكان البليدة بعمل كمين للفرنسيين ، حيث تظاهروا بالاستسلام و سمحوا لهم بالدخول ، ثم هجموا عليهم من سفوح الجبال المحيطة و السهول المجاورة ، و كانت نتائج هذه المرحلة رفض الاحتلال الخروج من الجزائر العاصمة ، و عقد شيوخ القبائل اجتماع تقرر فيه إقامة مقاومة شعبية تحت زعامة علي ولد سي سعدي و محمد بن زعموم ، و اقتضت الخطة التي وضعتها المقاومة وقتها على اخراج الفرنسيين من العاصمة و منعهم من التمدد .
مرحلة المواجهة الشاملة
– و بعد ان تم استئناف مشاريع الزحف نحو الداخل ، تم استغلال حادثة مقتل بعض المبعوثين الجزائريين ، و بدأ الجيش الفرنسي في مهاجمة أفريل ، و كان ذلك في عام 1832 و أبادوها بالكامل ، و بعد ذلك تم اختطاف العربي بن موسى ، الذي كان قائد حركة وطن بني خليل ، و كانت هذه المواجهة الوحشية سببا في استئناف حركة المقاومة الشعبية ، و بشكل خاص بعد هروب محي الدين بن مبارك .
– في هذا الوقت استطاعت المقاومة الشعبية هزيمة الجيش الفرنسي في معركة عرفت باسم سوق علي ، و تمكن الجيش الفرنسي أيضا من اجتياح مدينة القليعة ، وصولا إلى تاريخ 20 نوفمبر من عام 1832 ، حيث قام قائد الفرنسيين بتجهيز حملة أخرى على مدينة البليدة ، و قامت المواجهة الشعبية بالتصدي لهذه الحملة ، و أجبرتهم على العودة لمدينة الجزائر ، و هنا وقعت معركة كبيرة خسر الفرنسيين فيها عدد كبير من الجنود ، و توالت الضربات من الجانبين حتى تمكنت المقاومة من طرد الفرنسيين تماما .