كان الاحتلال الروماني للمغرب هو أخطر أنواع الاحتلال التي شهدتها البلاد، حيث ترجع خطورته الي الطبيعة السياسية التي قام بها الاحتلال، فكانت تعمل على بناء سياسة استعمارية تعمل على زرع خلافات بين وحدة البلاد، من أجل اعادة تشكيل الدولة المغربية، وفي هذا المقال نستعرض ثورة مقاومة النوميديين للاحتلال الروماني.
الأمازيغ وحلفائهم الفينيقين
كانت العلاقات جيده في البداية بين كل من الأمازيغ وحلفائهم الفينيقيين الذين زحفوا من سواحل المتوسط خوفا من الإغريق، فقاموا ببناء المدن الساحلية والتي كانت أهمها مدينة قرطاجة، وجاء إليها العديد من الوافدين من العراق وغيرها، لكن هاجس الإغريق كان هو المسيطر فلم يكتف الفينيقيين بحلفائهم الأمازيغ، ولكن قاموا باختيار حليف لهم هم الرومان من أجل حمايتهم من الإغريق، وبعد فترة ساءت العلاقة بين الفينيقيين وروما، فنشبت بينهم ما يعرف بحروب البونيقية.
فكانت العلاقة بين الفينيقيين والأمازيغ كالتالي الأمازيغ يصنع ويربي، والفينيقيين يقومون بالتصدير، بحكم معرفتهم لأساليب التجارة، ولكن جشع التجار جعل أصحاب الأرض يلجؤون للثورة، على الفينيقيين الذين نكرو الجميل.
فكانت أول طرق الفينيقيين في الحرب هي فرق تسد، حيث قاموا بوعد ماسينيسا الأمازيغي ملك نوميدية الشرقية، بمنحه أميرة أسمها سوفي والتي كانوا قد زوجها عنوتا لسيفاكس ملك نوميديا الغربية فبهذا جعل المملكتين يتصارعان.
ماسينيسا ملك نوميدية الشرقية
قام الملك ماسينيسا بوضع أول نظام اقتصادي اشتراكي في التاريخ، حيث قام بتقسيم الأراضي على البدو، وقام بتشجيعهم على الزراعة، فبذلك نجح في القيام بتأسيس دولة لها جيش وطني يدافع عنها، وكان هو صاحب أول مقولة “أفريقيا للأفارقة”.
ثورة الملك الأمازيغي العظيم يوغرطة 112 ق م
الملك يوغرطة هو ابن الملك مستنبعل وهو أول من قام بالهجوم على مدينة تسيرت، أي مدينة قسنطينة التي قام بتحريرها من قبضة الرومان سنة 112ق.م، ثم قام باستعمال المال لشراء ذمم حكام روما، وبهذا وصل الي مجلس الشيوخ في روما وقال مقولته الشهيرة ” روما تباع لمن يريد أن يشتريها”، حيث قصد بهذه المقولة احتقار البلاد وأنها لمن يخضعون لمن يدفع لهم المال، وبهذا قامت الحرب بين روما ويوغرطا، فقامت روما بإرسال جيش في عام 110 ق.م بقيادة ألبينوس وأخيه أولوس، ولكن هزمهم يوغرطة شر هزيمة في معركة سيتول قرب قالمة.
ثم قامت روما بإرسال جيش أخر أقوى في عام 109 ق.م بقيادة ميتلوس وريتلوس وماريوس وكانوا هم من كبار ضباط الجيش، ولكن أيضا هزمهم يوغرطة في معركة باجة قرب واد ملاق، ولكن تداركوا الهزيمة في ساقية سيدي يوسف عام 108 ق.م مما جعل يوغرطة يقوم للتحصن بالأوراس الأشم، وقاموا بتطبيق حرب العصابات، وهنا فشلت كل محاولات روما للسيطرة على يوغرطة وهزيمته، مع كل التكليفات والجيوش التي أعدتها، حتى وصلت روما لمرحلة اليأس.
فتأكدت روما أن الحل العسكري لي هو الحل فقامات باللجوء إلى سلاح الغدر والخيانة، فاستجاب لهم صهر يوغرطة وجد أبناءه الملك بوكوس الأول ملك موريطانية الطنجية، الذي دعا يوغرطة إلى قصره ثم قام بتسليمه إلى روما، فوهبته روما نصف مملكة نوميديا الكبرى وذلك في عام 104 ق.م.
ثورة البطل تاكفريناس سنة 17 م ضد أمبراطورية روما
بعدما قتلت روما الملك يوغرطة اعتقدوا أنهم بهذا قضوا على ثوار الأمازيغ، ولكن ما فجاءهم هو ظهور ثائر جديد هو تاكفريناس الذي أشعل فتيل الثورة ضد روما ثانية، وكان تاكفريناس من الفلاحين الذين ينتمون إلى القبائل الملازمة الأوراسية، وقد فر من الجيش الروماني من أجل الانتقام من طغاة روما، فخاض أول معركة له ضد روما بقيادة موريس كاميليوس، ولكنه هزم بسبب ضخامة جيش روما.
عمل بعدها تاكفريناس على إشعال الثورة في الأوراس، فأتفق مع محارب اسمه مازيبا، من أجل خوض هجوم خاطف على الرومان في شكل حرب العصابات والتي نجحت وأتت بثمارها.
وبعد عام من أعادة تنظيم الصفوف، ونشر فكرة الثورة بين شعب نوميديا، عاد تاكفريناس ومعه قوة أكبر وأكثر، رافضين الخضوع لروما، فأرسل تاكفريناس وفد من أربعة رجال إلى إمبراطور روما من أجل طلب ارجاع الأرض، والحرية المسلوبة من شعب نوميديا، فقام الإمبراطور تبريوس بالرجوع إلى الحرب مرة أخرى، ولكنهم فشلوا في القضاء على تاكفريناس، فقامت روما بتوزيع الأراضي على الأمازيغ لتهدئة الثورة.