اختلفت المصادر التاريخيَّة حول تحديد نسب الفاطميين، فمُعظم المصادر الشيعيَّة تؤكِّد صحَّة ما قال به مؤسس هذه السُلالة، الإمام عُبيد الله المهدي بالله، وهو أنَّ الفاطميين يرجعون بنسبهم إلى مُحمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق، فهُم بهذا عَلَويّون، ومن سُلالة الرسول مُحمَّد عبر ابنته فاطمة الزهراء ورابع الخُلفاء الرَّاشدين الإمام عليّ بن أبي طالب. بالمُقابل، أنكرت مصادر أُخرى هذا النسب وأرجعت أصل عُبيد الله المهدي إلى الفُرس أو اليهود. أسس الفاطميّون مدينة المهدية في ولاية إفريقية سنة 300هـ المُوافقة لِسنتيّ 912 - 913م، واتخذوها عاصمةً لدولتهم الناشئة، وفي سنة 336هـ المُوافقة لِسنة 948م، نقلوا مركز الحُكم إلى مدينة المنصوريَّة، ولمَّا تمَّ للفاطميين فتح مصر سنة 358هـ المُوافقة لِسنة 969م، أسسوا مدينة القاهرة شمال الفسطاط، وجعلوها عاصمتهم، فأصبحت مصر المركز الروحيّ والثقافيّ والسياسيّ للدولة، وبقيت كذلك حتّى انهيارها.

بداية الدولة الفاطمية

تعود الدولة الفاطمية للسلالة الشيعية وتنسب بالتحديد للفرقة الإسماعيلية، وهى واحدة من الدول التي استقلت بشكل واضح عن الدولة العباسية عقب أن ضعفت الخلافة العباسية، وقام بتأسيسها عبيد الله المهدي بعام 296 هجريًا بالمغرب، ولقد اتخذت الدولة الفاطمية من القيروان عاصمة لها، وبايعه الناس بعد ذلك ومنحوه لقب ” المهدي أمير المؤمنين” وصار عبيد الله المهدي خليفة للمسلمين، حتى أنه اعتبر نفسه أنه المهدى المنتظر من قبل الأمة والذي سوف يملأ جميع أنحاء الأرض كلها بالعدل والمودة، ولقد نجح الفاطميون في السيطرة على منطقة شرق الجزائر وكذلك دولة تونس وليبيا، ودخل الفاطميون عقب ذلك أيضًا في صراع شديد مع العباسين من أجل السيطرة على بلاد الشام.

تاريخ الدولة الفاطمية

في نطاق التوسعات العظيمة التي قام بها الفاطميون، فلقد استغلوا فرصة ضعف الدولة الأخشدية بعام 359 هجريًا، وهجموا على مصر ونجح المعز لدين الله الفاطمي في إرسال قائده جوهر الصقلي من أجل فتح مصر والسيطرة عليها، وبالفعل لقد سار جيش عظيم وضخم متجهًا ناحية الإسكندرية، وحينما وصلها نجح في السيطرة والإستيلاء عليها بكل سهولة بدون أي قتال على الإطلاق، كما قام أهالي الإسكندرية بمعاملتهم معاملة حسنة وجيدة، وساروا بعد ذلك للفسطاط وسلم له أهلها، مقابل أن يضمن لهم حرية العقيدة والتصرف، ونجح في نشر الأمن والعدل بجميع أنحاء البلاد كلها، وبذلك نجح الفاطميون في إنهاء حكم الخلافة العباسية وصارت مصر تحت ولاية وسيطرة الدولة الفاطمية كلها.

ومن الجدير ذكره أن القائد جوهر الصقلي قام بعد ذلك ببناء قصر للخليفة في مصر بمنطقة شمال الفسطاط وذلك حتى يتمكن من نقل مركز الدولة الفاطمية لمصر، كما قام أيضًا ببناء مجموعة من المنازل العديدة للوزراء والجنود، ويعد ذلك هو بداية نشأة مدينة القاهرة وأصبح يطلق عليها اسم قاهرة المعز، كما صارت القاهرة عقب ذلك عاصمة للخلافة الفاطمية بعام 362 هجريًا، ولقد أمر جوهر الصقلي من منع صلاة التراويح برمضان، كما أمر أيضًا بصيام يومين فقط به وحين ذلك سقط أذان صلاة الصبح والذي يتضمن عبارة ” الصلاة خير من النوم” وأضاف هذه العبارة ” حي على خير العمل محمد وعلي خير البشر”، ونجحت جيوش المعز بعد ذلك في التوجه نحو منطقة الحجاز وقامت بفتحها ودخلوا بصراع مع العباسيين من أجل السيطرة على بلاد الشام كلها، وبذلك نجحوا أيضًا في السيطرة على مناطق بلاد الشام وكذلك على دولة فلسطين ومصر ومنطقة شمال أفريقيا.

إنجازات الدولة الفاطمية

لقد نجح الفاطميون في ترك أثر عظيم بالتاريخ الإسلامي وبالتحديد بمصر، ولعل ذلك يرجع للدور العظيم الذين قاموا به حيث اهتموا بكل من الفنون والعلوم، وأصبحت القاهرة من أعظم الدول كلها التي يأتي لها جميع الطلاب من جميع أنحاء العالم كلها من أجل التزود بالعلم وبالمعرفة المختلفة، كما تم بناء بها أيضًا كل من دار الحكمة والجامع الأزهر، ولقد كان الجامع الأزهر في البداية عبارة عن مسجد عادي وعقب ذلك تم إقامة به الكثير من حلقات الدراسة المختلفة والتي كانت مقتصرة فقط على الفقه الشيعي وتطورت عقب ذلك حينما سيطر صلاح الدين على حكم مصر، حيث صارت تدرس الفقه بجميع المذاهب والعلوم الدينية المختلفة.

 نهاية الدولة الفاطمية

لقد ظلت الدولة الفاطمية قائمة لمدة تصل لحوالي 270 عامًا، ونجح في حكمها مجموعة كبيرة من الخلفاء ولقد كان الكثير منهم صغير بالسن، حيث كانت السيطرة للوزراء بالدولة الفاطمية، وكان معظمهم من أعداء الدين الإسلامي سواء من اليهود أو من النصاري، ولقد شهدت الدولة الفاطمية مجموعة كبيرة من المؤامرات وفتن عديدة، وقامت بها مجموعة من الثورات الداخلية.

وهكذا حتى استمر ضعف الدولة الفاطمية وانتهت تمامًا بعام 1171 ميلاديًا على يد القائد صلاح الدين الأيوبي، وذلك حينما ذهب لمصر بناء على أمر من نور الدين زنكي ونجح في القضاء على الخلافة الفاطمية وأعاد مصر للدولة الإسلامية السنية عقب ذلك.