تحدث القرآن الكريم على عدد كبير من القيم الهامة ، مما يؤكد على فكرة أن الإسلام كتاب حياة ، و ليس مجرد كتاب للتضرع إلى الله و التقرب له .
سورة الإسراء
– حفلت سورة الإسراء بعدد كبير من القيم و الأخلاق ، و الركائز التي من الواجب أن تتبع في ديننا الإسلامي الحنيف ، و قد بدأت هذه السورة العظيمة بالتسبيح و التعظيم لله جل وعلى ، الذي أسرى بنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، و منها عرج إليه و إلى جناته العلى .
– انتقلت الآيات بعد ذلك إلى إتمام العبودية لوجه الله ، فضلا عن عدد من التفاصيل في رحلة إسراء النبي ، و كذلك تفاصيل تخص قصة سيدنا نوح .
توجيهات سورة الإسراء
التحذير من الإشراك بالله
كان من بين القيم و الركائز التي اعتمدت عليها تلك الآية الكريمة ، تلك التفاصيل التي تعلقت بالإخلاص لوجه الله الكريم ، و عملت على وصف المشركين بل و وصفت المشركين بكونهم مذمومين مخذولين ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا (18) .
الإحسان للوالدين
كان من بين القيم التي حثت عليها تلك السورة العظيمة ، ناموس التعامل مع الوالدين ، هذا الناموس الذي يعتمد على الرفق بهم و التراحم معهم ، و ذلك بناءا على قوله تعالى وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) .
الانفاق على المساكين
حملت هذه السورة العظيمة عدد كبير من صور الرحمة و التراحم ، فكان من بين هذه الصور الحث على الإنفاق على الفقراء و المساكين و عابري السبيل ، و ليس هذا فقط ، بل حثت على الاعتدال في الإنفاق فعلى الإنسان ألا يكون كثير الإنفاق و الإسراف ، و كذلك عليه ألا يكون يده مغلولة و ذلك اعتمادا على قوله تعالى وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ، و كذلك قوله الكريم وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا .
بعض صور النهي
– حملت الآيات أيضا عدد من صور النهي و التحريم ، فكان من بينها النهي عن التخلص من الأبناء خوفا من الرزق ، و ذلك لأن الرزق بيد الله ، و أن هذا الأمر يندرج تحت إساءة الظن بالله و قدراته العظيمة ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا .
– كذلك تقدمت آيات هذه السورة العظيمة بالنهي عن القتل إلا في الحدود التي أقر بها الشرع ، و كان هذا الأمر بغرض وضع ضوابط لهذه المسألة ، و قد كان ذلك الأمر في قوله تعالى وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا .
– كذلك النهي عن التلاعب فيما يخص اليتيم ، و ضرورة حفظ ماله و مصالحه ، و كأن ديننا الحنيف أراد كفالة الحقوق لكافة الأشخاص ، و الضعفاء منهم قبل القادرين ، و كان ذلك اعتماد على قوله تعالى وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ .
– تطرقت الآيات أيضا إلى عدد من الأمور الهامة ، و كان من بين هذه الأمور النهي عن انتقاص الأشخاص و تحقيرهم ، و كذلك النهي عن اتباع أمور غير موثوق في مصدرها ، و كذلك أمرت بالوفاء بالكيل و الميزان .