سورة البقرة سورةٌ مدنيَّةٌ، نزلت في مُدَدٍ مُتفرّقةٍ، وهي أول سورةٍ نزلت في المدينة المُنوّرة في ما عدا قول الله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)،فهي آخر آيةٍ نزلت من السّماء في حجّة الوداع، وكذلك آيات الرّبا، ومِن السَّلف مَن لقبَّها بفُسطاط القرآن؛ لعظمتها ومكانتها وكثرة ما فيها من أحكامٍ ومواعظ، وهي من أطول سور القرآن الكريم؛ حيث يبلغ عدد آياتها مئتان وستٌّ وثمانون آيةً، وفيها أطول آية في القرآن الكريم وهي الآية المعروفة بآية الدَّين، قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ)، وهي السّورة الثّانية في ترتيب المُصحف الشّريف، ويرجع سبب تسميتها إلى ورود قصّة البقرة فيها؛ حيث أتت السّورة على ذكر قتيلٍ قُتِل من قوم موسى عليه السّلام، فأمرهم الله تعالى أن يذبحوا بقرةً ليعرفوا من قاتلها، لكنَّهم تجادلوا مع موسى -عليه السّلام- وأخذوا يسألوه عن تفصيلات مُتعلّقةٍ بالبقرة وصفاتها رغم أنَّ الله تعالى لم يشترط عليهم صفاتٍ مُحدَّدةٍ، حتى ذبحوها آخراً.
سبب تسمية سورة البقرة
سورة البقرة هي أطول سورة في القرآن الكريم ، وعدد آياتها مائتان وستة وثمانين آية وعدد كلماتها 6144 كلمة وعدد أحزابها 5 أحزاب ، وقد سميت سورة البقرة بهذا الاسم بسبب ورود قصة بقرة إسرائيل فيها ، وقد اشتهرت سورة البقرة بأسماء أخرى منها الزهراء وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “اقرؤوا الزهراوين : البقرة وسورة آل عمران” ، وسميت سورة البقرة أيضًا بفسطاط القرآن لأنها تحتوي على ألف أمر وألف نهي وألف حكم وألف خبر .
قصة بقرة بني إسرائيل
وكما ذكرنا فقد ورد في سورة البقرة عدد كبير من القصص والأحكام ، ومن بين القصص التي وردت في سورة البقرة سورة بقرة بني إسرائيل ، وهي تحكي عن رجل وجد مقتولًا من بني إسرائيل فاختلفوا في أمر قاتله ، وعندما ذهبوا إلى سيدنا موسى ليعرفوا من القاتل ، فأمرهم أن يذبحوا بقرة ، ولكنهم قد اعتادوا على جدال الأنبياء فلم يذبحوا أي بقرة كما أمرهم ، فأخذوا يسألوه عن لونها وشكلها وصفاتها وأكثروا من الأسئلة فضيقوا على أنفسهم ، وقد وجدوها عند سيدة تربي أيتامًا فطلبت منهم وزنها ذهبًا ، ولما ذبحوها وألقوا جزء منها على المقتول نطق باسم قاتله .
وهي سورة مدنية نزلت آياتها في المدينة ما عدا قول الله تعالى ” واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله ، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (281) ” صدق الله العظيم ، فقد نزلت تلك الآية في مكة المكرمة في حجة الوداع في يوم النحر وأيضًا آيات الربا ، فقد نزلت في مكة المكرمة قبل الهجرة النبوية .
فضل قراءة سورة البقرة
وقراءة سورة البقرة في المنزل كل يوم تطرد الشياطين من المنزل وذلك مصداقًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله قد كتب كتابًا قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام ، أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ، لا يقرآن في دار ثلاث ليالِ فيقربها الشيطان ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كما ورد أيضًا في فضل قراءة سورة البقرة في المنزل ، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اقرءوا سورة البقرة ، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ، ولا تستطيعها البطلة ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأيضًا فإن قراءة القرآن الكريم له فضل عظيم فهو يشفع لمن يقرأه يوم القيامة ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ايظا اية الكرسي هي الآية رقم 255 من سورة البقرة ، يقول المولى عز وجل ” اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ، لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ، مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ، يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ، وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ، وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ” صدق الله العظيم .
وقد ورد صحيح البخاري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظًا ولا يقربنك شيطان حتى تصبح”صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا الحديث عن فضل قراءة آية الكرسي كل ليلة قبل النوم ، فهي تحفظ من الشيطان حتى الصباح .
وأية البقرة حسب آراء العلماء هي أفضل آية في القرآن ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من قرأ دبر كل صلاة مكتوبة آية الكرسي لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت ” ، وهذا الحديث عن أن من قراء الآية الكريمة بعد كل صلاة يدخل الجنة .
فضل أواخر سورة البقرة
يقول تعالى في سورة البقرة ” آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(286) صدق الله العظيم .
وقد ورد عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلةٍ كفتاه” ، وقال بعض العلماء أن كفتاه هنا تعني أنها تكفي من قرأها من قيام الليل ، وقال البعض أنها تكفيه من الشرور في تلك الليلة .