القرآن الكريم هو كلام الله تعالى المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته، والمنقول إلينا بالتواتر، المبدوء بسورة الفاتحة المختوم بسورة الناس، وهو الكتاب المقدس عند المسلمين. ويحتوي القرآن الكريم على مئة وأربعة عشر سورة مختلفة؛ منها السور المكية ومنها المدنية، فما هي اول سورة نزلت بمكة؟
اول سورة نزلت في مكة
اختلف العلماء والباحثون في من السور او الآيات نزلت قبل وكانت الآراء كالآتي:
الراي الاول
اتجه هؤلاء ان اول سورة نزلت في القرآن هي سورة العلق واسندوا رأيهم على ان ال ما نزل في الوحي على النبي صل الله عليه وسلم هي اول ثلاث او خمس آيات من اول سورة العلق عندما نزل عليه جبريل وقال له اقرأ فقال له النبي صل الله عليه وسلم ما أنا بقارئ ثم غطه وقال” ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾.
ونجد في تفسير الامام ان جبريل هبط علي النبي صل الله عليه وسلم و مسكه بضبعه وهزه وقال يا محمد اقرأ فقال ما اقرأ قال يا محمد ” ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾.
كما انه روي عن الامام الصادق انه اول ما انزل علي النبي صل الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم.. اقرأ باسم ربك الأعلى وآخر ما انزل عليه إذا جاء نصر الله والفتح.
وسورة العلق احتوت على العديد من الاسس التي تكون متعلقة بأوامر النبوة، ففي تفسير ابن كثير انه بين العديد من الامور الخاصة بسورة العلق وان الله يبين كرمه على العباد وذلك بتعليمهم مالم يعلموا.
الرأي الثاني
سورة المدثر، واستندوا انها اول سورة انزلت في مكة الي حديث رواه جابر بن عبد الله قال (سألتُ أبَا سلَمَةَ، أيُّ القرآنِ أُنْزِلَ أوَّلُ؟ فقالَ: يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ، فقلتُ، أنْبِئْتُ أنَّهُ، (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)، فقالَ أبو سلمةَ، سألتُ جابرَ بنَ عبدِ اللهِ، أيُّ القرآنِ أنْزِلَ أوَّلُ؟ فقالَ، (يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ)، فقلتُ، أنْبِئْتُ أنَّهُ، (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ)، فقالَ، لا أخْبِرُكَ إلا بمَا قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، جَاوَرْتُ في حِراءَ، فلمَّا قضَيتُ جِوارِي هَبَطْتُ، فاسْتَبْطَنْتُ الوادِيَ، فَنُودِيتُ، فَنَظَرْتُ أمَامِي وخَلْفِي، وعن يمِينِي وعن شِمَالي ، فإذَا هوَ جالسٌ على عرْشٍ بينَ السماءِ والأرضِ، فَأَتَيْتُ خدِيجَةَ فقلتُ، دَثِّرُونِي وصبُّوا عليَّ ماءً بارِدًا، وأُنْزِلَ عليَّ (يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ*قُمْ فَأَنْذِرْ*وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)، زاد في رواية فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ثم نظرت إلى السماء فإذا هو – يعني جبريل – زاد في رواية جالس على عرش بين السماء والأرض فأخذتني رجفة فأتيت خديجة فأمرتهم فدثروني، فأنزل الله (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ*قُمْ فَأَنْذِر).
ولا يوجد من كلام النبي صل الله عليه وسلم ما يدل على ذلك و لكن لعل هذا اجتهد جابر من نفسه انها اول سورة انزلت لان الارجح فيما قاله جابر انه حدث بعد انقطاع الوحي وسنذكر حديث عن جابر بعد انقطاع الوحي.
قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحدّث عن فترة الوحي، قال، فبينما أنا أمشي إذ سمعت هاتفاً من السماء، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالساً على كرسيّ بين السماء والأرض، فجثثت منه فرقاً – أي فزعت- فرجعت، فقلت: زمّلوني زمّلوني فدثّروني، فأنزل الله تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)- وهي الاوثان- قال (صلى الله عليه وآله)،ثم تتابع الوحي، وفي لفظ البخاري، فحمى الوحي وتتابع.
الراي الثالث
فكان رأي الزمخشري ان اول ما نزل من القرآن هو الفاتحة وروى عن العلاّمة الطبرسي في كتابه (الإيضاح) عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه) أنّه قال: (سالت النبيّ صلى الله عليه وآله عن ثواب القرآن، فأخبرني بثواب سورة على نحو ما نزلت من السماء فأوّل ما نزل عليه بمكّة: فاتحة الكتاب، ثم اقرأ باسم ربك ثم ن والقلم… )
الجمع بين الاقوال الثلاثة
نجد انه لا يوجد اية فروق جو عن رية بين الآراء الثلاثة وذلك لان او ثلاث او خمس آيات من سورة العلق هي اول ما انزل من القران وهذا بالجماع، اما المدثر فقد جاء آيات من اولها كرأي جابر .
وفاتحة الكتاب اول سورة نزلت كاملة ولأهميتها اصبحت هي الصلاة لا تقام الصلاة الا بقراءتها، فنجد ان سورة التعبير صح عند تسمية سورة الحمد بالفاتحة، وذلك لأنها اول سورة نزلت كاملة والتي تميزت بهذه السمة الخاصة، وكذلك بسبب الاهتمام الزائد بخصوصها في بدء الدعوى، وايضا فرضها في الصلوات كلها جعلها عدلا للقران الكريم، قال الله تعالى ” اتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم “، فسورة الحمد يكون ترتيبها الخامس لو اعتبرنا السور باعتبار افتتحها كما ورد في رواية جابر بن زيد.