لقد مر المسلمين في بداية نشر الإسلام بالعديد من الغزوات مع أعداء الله للتخلص منهم ونشر الدين الإسلامي، أحد الغزوات الرائعة التي قامت ما بين المسلمين والصليبيين كانت هي أحد الغزوات الهامة التي سهلت بعد ذلك دخولهم للشام، لهذا سوف نستعرض لكم أحداث غزوة مؤتة.
غزوة مؤتة
– تعتبر غزوة مؤتة من أعظم الغزوات الهامة للمسلمين ضد الصليبيين، وقعت هذه الغزوة في العام الثامن للهجرة، كان عدد المسلمين المشاركين في هذه الغزوة قرابة ثلاثة آلاف مسلم مقابل مائتي من المشركين.
– هذه الغزوة من الغزوات التي لم يشارك فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه ولى مكانه ثلاثة رؤساء سماهم بالترتيب كما قال عليه الصلاة والسلام: ((زيد بن حارثة، فإن قُتل، فجعفر بن أبي طالب ابن عم النبيّ -عليه السلام-، فإن قُتل، فعبد الله بن رواحة)).
– السبب في هذه الغزوة أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أرسل رسول إلى ملك البصرى مع الحارث بن عمير، فلما نزل إلى شرحبيل قتله الغساني، وكانت المعروف أن الرسل لا تقتل مما أغضب رسول الله عليه الصلاة والسلام وقرر القيام بهذه الغزوة.
– لقد وصى النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين في هذه الغزوة الرأفة بالجماد والنبات والنساء والأطفال، كما أوصاهم أيضًا بالرأفة لمن لا يحمل سلاح، وطلب على من قائد الجيش أن يعرض على الصليبيين الإسلام، فإن وافقوا فلا إشكال في ذلك، لكن لو رفضوا فعليهم الاختيار ما بين دفع الجزية أو الحرب.
أحداث غزوة مؤتة
– الأرض التي قامت فيها غزوة مؤتة هي تلك الأرض التي توفى فيها الحارث بن عمير الأزدي، وطلب الرسول وقتها من جيش المسلمين أن ينزلوا لهذه الأرض ويطلبوا منهم الإسلام، ولو وافقوا فقد حقنوا الدماء، ووفروا أموالهم، وإذا لم يوافقوا فسوف تبدأ الحرب معهم.
– عندما وصل جيش زيد بن حارثة إلى الأردن عند أرض معان، فوصلته أخبار أن هرقل قائد الجيوش الصليبية جمع جيش من الروم مكون من مائة ألف مقاتل، بالإضافة إلى مائة ألف أخرى من المشركين، فأصبح عدد جيش الصليبيين مائتي ألف أمام جيش المسلمين الذي وصل عدده إلى ثلاثة آلاف.
– الفرق في العدد ما بين الجيشين جعل المسلمين يتريثون في أماكنهم لبضعة أيام يتشاورون في الأمر بسبب الفرق ما بين الجيشين والأدوات والمعدات حتى يأخذوا القرار السليم.
– في النهاية وصل المسلمون بعد التشاور إلى إخبار النبي عليه الصلاة والسلام بهذه التطورات وأن يأخذوا بمشورته، سواء كان بمدهم أعداد إضافية من الرجال أو يأمروهم أن يمضوا بعددهم هذا.
– خطب عبدالله بن رواحة في المسلمين يومها حتى يشد بأزرهم وقال لهم ((يا قوم، والله إنَّ التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون؛ الشهادة، وما نقاتلُ الناس بعددٍ ولا قوةٍ ولا كثرةٍ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلِقوا فإنَّما هي إحدى الحسنيين: إما ظهور، وإما شهادة)).
– التقي المسلمين مع جيش الروم والمشركين في معركة مؤتة التي كانت بقيادة زيد بن حارثة، بالفعل كما توقع الرسول استشهد زيد بن حارثة فتولى مكانه القيادة جعفر رضي الله عنه الراية، وأكمل المسيرة بجيش المسلمين، فمسك الراية بيده اليمنى حتى أتته ضربة فمسكها بيده اليسرى، وعندما قطعت يده اليسرى مسك الراية بفمه حتى نال الشهادة.
– تناول الراية من بعده عبدالله بن رواحة كما أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل هو الآخر، من هنا بدأ المسلمين في التزعزع والقلق، فأقبل على الفور الصحابي (خالد بن الوليد) في هذه اللحظة وتسلم الراية.
الخطة التي وضعها خالد بن الوليد
– ظل خالد بن الوليد فترة من الوقت يبحث عن أفضل الخطط والحيل التي يمكن أن يستخدمها حتى ينتصر على جيش الروم، على الرغم من الأمل في الفوز كان ضعيف بسبب فرق القوة بين الجيشين.
– استقر خالد بن الوليد على الانسحاب قبل أن يفقد الباقي من جيش المسلمين، وبالفعل انتظر لساعات الليل حتى ينفذ قراره، ونشرت الإشاعات بأن جيش المسلمين قد انسحب وأتى مكانه جيش جديد حديدي في الصباح.
– عندما رأى الروم الجيش الذين كانوا يعتقدون أنه جيش جديد يواجه بكل قوة وشجاعة اهتزت معنويات المشركين، بالفعل ظل المسلمين يضربون جيش الروم ضربات متلاحقة دون أن يعطوهم فرصة للراحة، بالفعل بدأ جيش الروم بالانسحاب والعودة إلى ديارهم.
– هذه المعركة قد وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بالفتح، لأن الانسحاب فيها كان من أفضل القرارات وقال وقتها (((ثمَّ أَخَذ الرَّايةَ سَيفٌ مِن سُيوفِ اللهِ خالدُ بنُ الوليدِ، ففَتَحَ اللهُ عليه)).