قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الشريفة: ” تُعرَضُ الفِتَنُ على القُلوبِ عَرْضَ الحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فأيُّ قلبٍ أُشْرِبَها نُكِتَتْ فيه نُكتةٌ سَوداءُ، وأيُّ قلبٍ أنْكَرَها نُكِتَتْ فيه نُكتةٌ بيضاءُ، حتى يصِيرَ القلبُ أبيضَ مثلَ الصَّفا، لا تَضُرُّه فِتنةٌ ما دامَتِ السمواتُ والأرضُ، والآخَرُ أسودَ مُربَدًّا كالكُوزِ مُجَخِّيًا، لا يَعرِفُ مَعروفًا، ولا يُنكِرُ مُنكَرًا، إلا ما أُشْرِبَ من هَواه”.

ولذلك فيمكننا أن نبدأ حديثنا حول التوبة وأثر المعصية على الإيمان أن التوبة ما هي إلا خطوة تحتاج إلى إرادة قوية، وبالأخص بعدما يتم الاعتياد على فعل المعاصي بصورة متكررة والقيام بمختلف الذنوب والمداومة عليها، كما أن وسوسة الشيطان في بعض الأحيان يكون لها الأثر السلبي الأكبر الذي يبعد الإنسان عن التوبة، حيث أن تلك التوبة تحتاج إلى إنسان قوي.

فالإنسان في المعاصي يكون على حالين وهما أن يقبل بتلك المعاصي حتى يتم الاعتياد عليها أو أنه يحبها ويحب شهواتها، حيث أن تلك المعصية في كل مرة يقوم بها الفرد فإنها تنكت في قلبه نكتة سوداء، بينما أنها عندما تعرض عليه يكون قد استحلها، ولذلك فيجب أن يرفضها وفي حالة أن يرفضها يكون في قلبه نكتة بيضاء تدل على رضا الله عز وج، وكان هذا الأمر مشابه لوصف النبي عليه أفضل الصلاة والسلام السابق عرضه في البداية.

كما أن التوبة تتحقق بشكل كامل بعدما يتم الاعتراف بالذنوب، ولكن عندما يتكرر الخطأ من جديد فيجب الوقوف عنده لأن التوبة ليست من السهل أن تتكرر بنفس الصدق، حيث قد تكررت في القرآن الكريم الألفاظ التي تدل على الاعتراف بالذنوب والتي تكون سبب في رحمة الله عز وجل والمغفرة من الذنوب والمعاصي التي يندم عنها الإنسان ويطلب من الله عز وجل المغرفة، ويكون الإنسان في تلك الحالة على علم بقدرة الله تعالى على المغفرة للإنسان بعد التوبة، فالله قادر على مغفرة الذنوب وقبول التوبة.

أثر المعاصي والذنوب على العبد في الدنيا والآخرة

حيث كان الله عز وجل قد قدر أن يكون الإنسان بطبعه خطاء وخير الخطائين من يبادر للتوبة، فالذنوب والمعاصي دائما ما تتسبب في زوال العديد من النعم التي حول الإنسان، بالإضافة إلى أن تلك الذنوب تتسبب في نوعين من العقاب وهما العقوبات القدرية والعقوبات الشرعية، وتلك العقوبات قد تكون في الجسم أو العقل، ومنها ما يكون في الحياة أو يوم الموت أو يوم المحشر.

فالذنوب من المستحيل أن تكون بدون محاسبة، ولكن قد يظن الناس هذا الأمر بسبب جهلهم بقوة الله عز وجل، حيث يقول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام في الحديث الشريف: ” إنَّ الرجلَ ليُحرَمُ الرزقَ بالذنبِ يصيبُهُ، ولا يردُّ القدرَ إلا الدعاءُ، ولا يزيدُ في العمرِ إلا البرُّ” ، ومن الآثار السلبية للمعصية على الإيمان ما يلي:

الافتقار لحالة التوفيق في حياة الإنسان، بالإضافة إلى الشعور بتعسر في الأمور، حيث يرى الإنسان أن جميع الأبواب مغلقه في وجهه، وذلك بخلاف من اتقى الله عز وجل، فإنه يجد له من كل الهموم مخرج ومن كل ضيق منجى.

الحرمان من الرزق، حيث أن سعة الرزق ترتبط بشكل كبير بتقوى الله عز وجل، حيث أن الذنوب تجلب الفقر والفقر يبعد الإنسان عن طاعة الله عز وجل ويجعله متنمر على ما يحدث له من قلة الرزق

نزع البركة في الحياة والعمر: قمن يقبل على الذنوب تضيع أيام، حيث أن الحياة الأساسية للإنسان تقدر بالأوقات التي يقوم بقضاءها في طاعة الله عز وجل وعبادته

الشعور بحالة من الوحشة في القلب، حيث تبدأ الوحشة بين العبد وربه، ثم تنتقل من أجل علاقة العبد المذنب مع العباد، وذلك حتى يشعر بها مع أقرب الناس إليه، وبالتالي فإن الإنسان يشعر بأنه لا يستفاد من المجالس مع الصالحين، ولكنه يريد أن يجلس مع أصدقاء السوء، فتصحب حياته مريرة، بالإضافة إلى أنه كلما ابتعد عن الله عز وجل تزداد تلك الوحشة والظلمة في القلب.

الحرمان من نور العلم: حيث أن نور العلم هو واحد من صور النعيم المعجل للعبد في الدنيا، ولكن اكتساب الإنسان للذنوب يؤدي به إلى الظلام في البصيرة، وكان هذا الأمر قد أكد عليه الإمام الشافعي رحمة الله عليه.

دواء المعاصي والتوبة

بالطبع يحتاج الإنسان دائما إلى أن يقوم بمعالجة نفسه من أي مرض أو مشكلة يصاب بها، ومن تلك الأمور التوبة من المعاصي وهذا الأمر يتم من خلال السير في طريق عفو الله عز وجل حتى يتم العودة إلى القبول والرضا في الحياة بشكل عام.