كانت أحوال العرب قبل الإسلام متباينة، حيث كانت هناك قبائل عربية متقدمة في الزراعة والتجارة، وقبائل أخرى كانت تعيش في حالة بدائية.

بشكل عام، كانت الحياة في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام صعبة وقاسية. كانت القبائل العربية تتنقل من مكان إلى آخر بحثًا عن الماء والكلأ، وكانت تتعرض للغزو من القبائل الأخرى.

يُقسم علماء الأنساب العرب إلى

- عرب بـائدة؛ وهم الذين هلكوا ولم يبق من نسلهم أحد، مثل: عاد، و ثمود و طُسُم، و غيرهم

- عرب باقية، وهم قسمان

أ - عـرب عــاربــة، وهـم أهـل اليمن الذين ينسبون إلى يعرب ابن قحطان

ب - عـرب مـستعربـة، وهم الذين ينسبون إلى عدنـان الذى يتصـل نسبه بـإسمـاعيـل بن إبراهيم عـليهمـا السـلام، وسُمُّوا مستعربة؛ لأن أبـاهم غير عربـى وهو إسمـاعيـل - عليه السلام - وأمهم عربية من جُرهُم

أحوال العرب السياسية

عرفت بـلاد العرب الحياة السياسية المنظمة قبل الإسلام، وبخاصة فى اليمن، حيث الزراعـة والاستقرار، فقامت فيها دول كثيرة متعاقبة،
مثـل: دولة معين، ودولة قُتبـان، ودولة سبـأ التـى سُميت بها سورة من سور القرآن الكريم، ودولة حمير التـى ظـلت قـائمـة حتى احتـلتهـا الحبشـة فـى بدايـة القرن السـادس الميـلادى، ثم استولى عــليـهــا الفرس، وظـلت كذلك إلى أن حررهـا الإسـلام من الاحتـلال الفارسى، و أسلم أهلها

وقـامت فـى اليمن حضـارة عظيمـة، فـاشتهرت ببناء السدود كسد مـأرب، لخزن ميـاه الأمطـار لاستخدامهـا فـى الزراعة، وازدهرت فيها التـجــارة؛ بسبب موقعهـا الجغرافـى المتميز عـلى المدخـل الجنوبـى للبـحر الأحـمر؛ مـمــا جعـلهـا مركزًا تجـاريّاً كبيرًا بين الشرق الأقصـى و شرقى إفريقيا بل وأوربا

وبعد انهيـار سد مـأرب وتدهور الحيـاة الاقتصادية هاجر العرب من اليـمن إلى أطـراف شـبه الجـزيـرة العربيـة فـى الشمـال، وأقـاموا إمـارات عربيـة، ظـلت قـائمة إلى ما بعد ظهور الإسلام، فنشأت إمارة المنـاذرة فى العراق، وكانت عاصمتها مدينة الحيرة، وإمارة الغساسنة فى جنوب الشام. وكـانت هنـاك إمارات عربية أخرى فى شرقى شبه الجزيرة العربية، فــى البـحرين و اليمن، و فـى جنوبهـا الشرقـى فـى عمـان، و كـلهـا أسـلمت فـى عهد الرسول صـلى الله عـليه و سـلم، و أصبحت جزءًا من الدولة الإسلامية

وأما بقية شبه الجزيرة فكان يعيش أهلها حياة قبلية، حيث يحكم كل قبيلة شيخ، هو صاحب الكلمة النافذة، والأمر والنهى فيها

الحياة الاجتماعية

اختـلفت الحيـاة الاجتماعية فى بلاد العرب من مكان إلى آخر باختلاف حـيـاة الحضر و البدو، فـالأجزاء الحضريـة التـى تتمتع بحيـاة مستقرة و بنظم سيـاسية يُقسم المجتمع فيها إلى طبقات: طبقة الملوك والحكام والأمراء، وهم يمثـلون قمـة الهرم الاجتمـاعـى، وينعمون بحياة الترف والنعيم، تـليهم طبقـة التجـار والأثريـاء، ثم تـأتـى طبقـة الفقراء فـى أدنى الهرم الاجتماعى

أما البدو فيتألفون من طبقتين

- طـبقــة الســادة، وهـم فــى الواقع كـل العرب البدو، سواء أكـانوا أغـنيــاء أم فـقراء، فــالفـقر لم يـكن يحد من حريـة الإنسـان العربـى و سيادته، فمهما يكن فقيرًا فهو مالك لزمام نفسه، معتز بحريته

- وطبقـة العبيد والخدم، وكـان يمتـلكهم الأغنيـاء، وعـلى عـاتق هذه الطبقة قامت الحياة الاقتصادية

واتـسمـت حـيــاة البداوة بعـادات بعضهـا جميـل محمود، أبقـى عـليه الإسـلام و شجَّعه، كـالكرم والنجدة وإغـاثـة المـلهوف، وبعضهـا الآخر قبيح مرذول حـاربه الإسـلام حتـى قضى عليه، كوأد البنات خوفًا من العار، وهذه العادة كانت - فى واقع الأمر - فى قبائل معينة ولا تمثل نظرة العرب كـلهم إلى المرأة، لأنهـا كانت عندهم محل اعتزاز وتقدير بصفة عامة

الحياة الدينية

عـرفت بـلاد العرب التوحيد قبـل الإسـلام بزمن طويـل، فقد نزلت فيهـا رسـالات سمـاويـة،كرسـالة هود- عليه السلام - فى جنوبى شرقى الجـزيـرة العـربيـة، ورسـالة صـالح - عـليه السـلام - فـى شمـاليهـا الغربـى، كمـا عرفوا التوحيد من رسـالة إسمـاعيـل -عليه السلام -، و لكن بمرور الزمن نسوا هذه الرسـالات، وتحولوا إلى الوثنيـة وعبادة الأصنام، وأصبح لهم آلهة كثيرة مثل: هُبل و اللات و العزى

وعلى الرغم من انتشار عبادة الأصنام انتشارًا واسعًا فى بلاد العرب، فــإن هـنــاك مــا يدلُّ عـلى أنهم لم يكونوا يعتقدون اعتقـادًا حقيقيّاً فـيهــا، فـيحكـى القرآن الكريم عـلى لسـانهم قولهم  [مـا نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى] الزمر : 3

وكــان منهم من رفض عبـادة الأصنـام رفضًا قـاطعًا، وهم الذين سُمُّوا بـالحنفـاء، كورقة بن نوفل، و زيد بن عمرو بن نُفيل، وعثمان بن الحـويـرث، و عـبيـد الله بـن جـحش، وقس بن سـاعدة الإيـادى، و هـؤلاء لم تقبـل أذهـانهم عبادة الأصنام، فاعتنق بعضهم المسيحية، و ترقب بعضهم الآخر ظهور الدين الحق

وإذا كـانت الوثنيـة قد سـادت بـلاد العرب، فـإن اليهوديـة و المسيحية عـرفـت طريقهـا إليهـا فتركزت المسيحيـة فـى نجران التـى كـانت وقتئذٍ من أرض اليمن، فى حين استقرت اليهودية شمال الحجاز، فى يثرب و خيبر، و وادى القرى و تيماء

ومن العجيب أن اليهوديـة والنصرانيـة لم تنتشرا على نطاق واسع فى بــلاد العـرب، ولعــل ذلك راجـع إلى أن اليهوديـة تُعدُّ ديـانـة مغـلقـة، فـأهـلها كانوا يعتبرونها ديانة خاصة بهم، فلم يدعوا أحدًا إليها، ولم يـرحِّبوا بـاعتنـاق غيرهم لهـا، أمـا المسيحيـة، فعـلى الرغم من أنهـا ديـانـة تبشيريـة، وأهـلهـا يرغبون فـى نشرهـا فى العالم فإنه يبدو أنهـا حين و صـلت إلى بـلاد العرب كـانت قد بـلغت درجة من التعقيدات و الخلافات لم تستسغها عقول العرب

الحياة الثقافية

كـان العرب قبـل الإسـلام أمـة أميـة، لا تعرف القراءة والكتابة إلا فى نطـاق ضيق، ولم يكن الذين يعرفونهـا فـى مكـة مثلاً يزيدون على عشرين شخصًا، ومع ذلك فـإنهم امتـلكوا قدرًا لا بأس به من المعرفة، و اتصـلوا بالعالم الخارجى من خلال رحلاتهم التجارية، فعرفوا الثقافة الفـارسيـة عن طريق إمـارة الحيرة العربيـة، والثقافة اليونانية عن طريق الإمارات العربية فى الشام

واكتسب العرب أيضًا قدرًا كبيرًا من المعارف العلمية بالخبرة والتجربة و بدافع الحـاجة كالمعلومات الفلكية والجغرافية، دفعهم إلى معرفتها

تنقلاتهم الكثيرة، وارتحالهم من مكان إلى آخر، وحاجتهم إلى معرفة مواسم نزول الأمطار وهبوب الرياح

وتفوق العرب عـلى غيرهم من الأمم فـى مجـال علم الأنساب، وذلك لاعـتزازهـم بـانتسـابهم إلى قبـائـلهم، وبـلغ من شدة اهتمـامهم بعـلم الأنساب أن اعتنوا بأنساب الخيل، غير مكتفين بأنساب البشر

أمـا الميدان الثقـافـى الذى برع فيه العرب فهو البـلاغـة والفصـاحـة، فـالعربى كان فصيحًا بطبعه، بليغًا بفطرته، ودليل ذلك فهمهم للقرآن الكريم، الذى نزل بلغتهم وهو ذروة البلاغة والفصاحة

وبـرع العـرب فــى ميدان الشعر براعـة واضحـة، فهو ديوان حيـاتهم، و شـعراؤهـم يُعـدُّون بـالمئـات، والشعر العربـى إلى جـانب كونه لونًا راقـيًا من ألوان الأدب يُعدُّ بعد القرآن الكريم مصدرًا من مصـادر معرفـة الحياة العربية بكل خصائصها ومظاهرها

وكمـا تفوَّق العرب فـى الشعر تفوقوا فـى الخطـابـة، وكانوا يقيمون الأسواق الأدبيـة التـى تشبه مهرجـانـات المسـابقات الأدبية فى الوقت الحـاضر، و من أشهر تـلك الأسواق سوق عكـاظ، وكانت تعقد فيها لجـان للتحكيم بين الشعراء والخطباء، و القصيدة أو الخطبة التى يفوز صـاحبهـا يتناقلها الناس ويحفظونها، ويشيدون بقائلها، و من القصائد الرائـعــة مــا كــان يـعـلق فـى الكعبـة، وهـى التـى عرفت بـاسم المعلقات، مثل معلقة امرئ القيس وزهير بن أبى سلمى