الموت شرعاً: هو إخراج الروح من الجسد، أو قبض الأرواح، كما قال تعالى: (فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ). وموت النفوس هو مفارقتها لأجسادها وخروجها منها. ولا شكَ في أن الموت هو أول منازل الآخرة، قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ). ومعنى الآية أن كل حي سيموت وتفارق نفسه البدن الذي تحيا فيه. وهو في اللغة ذهاب القوة من الشيء ، والموت خلاف الحياة ، او ما لا روح فيه .
أحاديث الرسول عن الموت
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يُكثِرُ أنْ يقولَ: (أكثِروا مِن ذِكْرِ هاذمِ اللَّذَّاتِ) في هذا الحديث النبوي الشريف يوصي النبي عليه الصلاة والسلام المسلمين بالإكثار من ذكر الموت (هاذم اللذات) ؛ حتى لا يغفل قلب المسلم عن هذه الحقيقة الآتية بدون شك .
عن أنس بن مالك عن النبي عليه الصلاة والسلام: (اذكر الموتَ في صلاتِك، فإنَّ الرجلَ إذا ذكر الموتَ في صلاتِه لحريٌّ أن يُحسنَ صلاتَه، وصلِّ صلاةَ رجلٍ لا يظنُّ أنَّه يُصلِّي صلاةً غيرَها، وإيَّاك وكلُّ أمرٍ يُعتذَرُ منه)
عن جابِر بن عبدِ الله رضي الله عنه عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلّم: (لو أنَّ ابنَ آدمَ هرَبَ من رزقِهِ كما يهرَبُ من الموتِ، لأدْرَكَهُ رزْقُهُ كما يُدْرِكُهُ الموتُ ) .
عن محمود بن لبيد الأنصاري عنِ النبي صلّى اللهُ عليهِ وسلّم قال: (اثنتانِ يكرهُهما ابنُ آدمَ: يكرَهُ الموتَ والموتُ خيرٌ له من الفتنةِ، ويكرَهُ قِلَّةَ المالِ وقِلَّةَ المالِ أقلُّ للحساب).
النهي عن تمني الموت
لقد نهى النبي -صلّى اللهُ عليهِ وسلم- المسلمين عن تمني الموت عِندَ الإصابة بالبلاءِ والشدائد لهم، وأمرهم أن يطلُبوا الموت إذا كان في طلبِهِم هذا خير لهم ، والدليل على ذلك حديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي رواه أبو هريرة: (لا يتمنَّى أحدُكمُ الموتَ، إما محسِنًا فلعلَّه يَزدادُ، وإما مُسيئًا فلعلَّه يَستَعتِبُ) وليس هناك تعارض بين هذا القول وتمنِي عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب -رضي اللهُ عنهُما- الموت، ذلك أن نهي النبي عليه الصلاة والسلام عن تمنِي الموت إذا حل بالمؤمن ضيق أو سوء في الدنيا، فلا يجب أن يتمنى الموت، أما إن خشي وخاف على دينه من الفتنة، فيسمح له أن يدعو بالموت، قبل مصابه بدينه، وهذا ما كان يعنيه عمر -رضي اللهُ عنه- فقد خشي أن يصاب في دِينه عندما يهرم ويتقدم في العمر، وتضعفِ قوته، وبعد أن يعجز عن تأدية الفرائض التي كلفه الله عز وجل بها مِن أمر الأمة، أو أن يفعل ما يسأل ويُحاسب عليه في الدنيا والآخرة، لذلك دعا الله قائلاً: “فاقبضني إليكَ غيرَ عاجزٍ، ولا ملومٍ” ، فاستجابَ اللهُ دُعاءهُ وأماته قبلَ انتهاءِ الشّهرِ.
وبالمثل علي -رضي اللهُ عنهُ- عندما خاف مِن قومه الغدر وانتشار الفتنة طلب من الله سبحانه وتعالى أن يريحه منهم، وبالفعل حدث ما توقع فقد قتلوه وهو إمام عدل، بر وتقي، فلا تعارض هنا وحديث رسولِ اللهِ -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- في النهي عن تمني الموت. فنجد أن نهيه عليه الصلاة والسلام فيه بيان أن المتمني يكون غير راض بقضاء الله وقدره، وغير مسلم لأمره. سبحانه وتعالى .