طريق الدعوة إلى الله هو من أنبل وأفضل الطرق التي يسلكها العبد، فالدعوة طريق التبليغ بكل ما جاء عن رسول الله وما نقله عن رب العزة وفيه قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33]، وحتى يصبح الداعية ناجح ومسموع من قبل جميع الأفراد والأطياف يجب أن تتوفر فيه عدة مقومات حسب ما جاء في الكتاب والسنة، ومنها قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [سورة النحل: 125].

صفات الداعية الناجح:
أولًا: العلم: يجب أن يكون الداعية على قدر كبير من العلم بالكتاب وهو القرآن الكريم والسنة النبوية والسيرة العطرة لرسول الله صل الله عليه وسلم، وملم بأكبر قدر من كتب السابقين على مختلف المذاهب وكذلك على قدر كبير من علوم الدنيا وذلك حتى يستطيع أن يجمع بين علوم الدنيا والدين ويضعهم في قالب التجديد حتى يخاطب الناس بلغة العصر التي يستطيعون فهمها والتوصل إلى أفكارهم وإقرارها إن كانت صحيحة أو ردها إن كانت خاطئة، فالمجادلة يجب أن تكون عن علم وإلا صارت مجرد كلمات في مهب الريح لا قيمة لها، لذلك يجب على الداعية أن يحرص على التعلم طوال حياته من أجل اكتساب خبرة أكبر.

ثانيًا: القدوة الحسنة: يجب أن يطابق فعل الداعية قوله فليس من الطبيعي أن ينهى عن شيء ويأتي هو به فمن أولى أن يعظ نفسه، وقد يفقد مصداقيته فيمن حوله وفيه قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)} [سورة الصف: 2-3]، لذلك يجب على الداعية ان يكون أول الملتزمين بما يقول وأن يطابق قوله فعله وأن يطابق فعله ما جاء في الكتاب والسنة، حتى يصبح قدوة حسنة لجميع من حوله ويحقق أهداف رسالته.

 ثالثًا: الحكمة: أي أن يكون الداعية على قدر كبير من الحكمة فالداعية يتعامل مع مختلف أطياف البشر منهم ذو الأخلاق الحادة ومنهم المتعلم ومنهم الجاهل ومنهم الكبير في السن ومنهم الشاب المقبل على الحياة فيجب على الداعية أن يمتلك موهبة الحكمة في اختيار الأسلوب والكلمات التي تنفذ إلى عقل وقلب كل فرد حسب سنه ومقدار علمه حتى يستطيع الداعية ان ينجح في إيصال دعوته وتحقيق رسالته وتبليغ العلم.

رابعاً: الموعظة الحسنة: وهي الترغيب في كل ما يرضي الله عز وجل والترهيب من كل ما يغضبه وذلك باللين والمعاملة الحسنة والطيبة والكلمات الرقيقة ذات المعنى المباشر فقد قال الله تعالى لنبيه صل الله عليه وسلم في كتابه الكريم: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [سورة النحل: 125] ليبين لنا الأسلوب الدعوي الناجح وهو الحكمة والموعظة الحسنة.