قصة سحر اليهودي لرسول الله
بعد ظهور النبوة وإقامة الحجة على المشركين، وإقبال الكثيرين على الدخول في الدين الإسلامي لما رأوا فيه من سماحة وتواضع وأخلاق نبيلة، كان هناك يهودي يدعى لبيد بن الأعصم يكره النبي ويضمر له الحقد والغل داخل قلبه، قام بعمل سحر للرسول صل الله عليه وسلم، وذلك بأن وضع السحر في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر النخل، فصار يخيل إلى النبي أنه فعل بعض الشيء مع أهله ولم يفعله لكن ذلك لم يؤثر عليه في مسألة الوحي والتبليغ فكان عقله حاضرًا واعيًا لكل ما يحدث حوله، لكنه أحس بشيء أثر عليه بعض الأثر مع نسائه، حتى أخبره جبريل بما وقع من اليهودي، فبعث الرسول صل الله عليه وسلم من يخرج ذلك الشيء من بئر لأحد الأنصار، وقام بإتلافه حتى زال عنه هذا السحر بفضل من الله، وقد انزل الله عليه المعوذتين، فلما قرأهما زال عنه كل أثر للسحر، ويروى أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال في المعوذتين : « ما تعوذ المتعوذون بمثلهما ».
حقيقة مسألة سحر النبي :
سأل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حقيقة ما جاء عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه سُحِر ؟ وهل حصول السحر للنبي ينافي مقام النبوة ؟، أجاب فضيلته : أنه ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صل الله عليه وسلم سُحِر، لكن هذا السحر لم يؤثر عليه من الناحية التشريعية أو الوحي، إنما غاية ما هنالك أنه وصل إلى درجة يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله في أهله، وهذا السحر الذي وضع له كان من يهودي يقال له لبيد بن الأعصم، وضعه له ولكن الله سبحانه وتعالى أنجاه منه، حتى جاءه الوحي بذلك. وعوذ بالمعوذتين عليه الصلاة والسلام {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1]، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس:1].
هل أثر السحر على مقام النبوة ؟
ولا يؤثر هذا السحر على مقام النبوة، لأنه لم يؤثر في تصرف النبي صل الله عليه وسلم فيما يتعلق بالوحي والعبادات كما أسلفنا، وقد أنكر بعض الناس أن النبي صل الله عليه وسلم سُحِر بحجة أن هذا القول يستلزم تصديق الكافرين، بل تصديق الظالمين الذين قالوا : {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا}[الإسراء:47]، ولكن هذا لا شك أنه لا يستلزم موافقة هؤلاء الظالمين بما وصفوا به النبي صل الله عليه وسلم، لان أولئك يدعون أن الرسول مسحور فيما يتكلم به من الوحي وأن ما جاء به هذيان كهذيان المسحور، وأما السحر الذي وقع للرسول عليه الصلاة والسلام فلم يؤثر عليه في شيء من الوحي، ولا في شيء من العبادات، ولا يجوز لنا أن نكذب الأخبار الصحيحة بسوء فهمنا للنصوص.
كيفية التحصين من السحر
سأل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل شيخ عن كيفي التحصين من السحر فأجاب أنه على المسلم الحفاظ على الطاعات وأداء جميع الفرائض، وكذلك المداومة على اذكار الصباح والمساء، وفي حالة أن يشعر الإنسان أن به مس أو سحر عليه ان يرقي نفسه بالمعوذتين و { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والآيتين من آخر سورة البقرة ، {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ – لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وسوف يشعر بتحسن كبير ويكون في حرز من الشيطان والسحر.