الرحم ، كلمة مشتقة من الرحمة ، قال الله تعالى في كتابه العزيز :{وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ} سورة الرعد الآية 21 ، وذم سبحانه وتعالى القاطعين لصلة الرحم في قوله تعالى :{وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} سورة الرعد الآية 25، وهدد القاطعين لصلة الرحم في سورة محمد :{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}.

تعريف صلة الرحم لغة

في اللغة صلة يقال وصلت الشيء بغيره وصلا، فاتصل به ، وصلة ضد هجرته ، واصلته مواصلة ووصالا ، وهو مصدر وصل الشيء ، أي ضمه وجمعه معه، ويقول ابن الاثير أن صلة الرحم، كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب، الرفق بهم والأصهار، والتعطف عليهم ، وقطع الرحم ضد ذلك .

تعريف صلة الرحم إصطلاحًا

ومعناه الإحسان إلى الأقارب، ويكون ذلك على حسب الواصل والموصول، فتارة تكون بالمال، وتارة تكون بالزيارة، وتارة تكون بالخدمة ، والنصح ، وبرد الظلم ، والعفو والصفح إلى غير ذلك من أنواع الصلة.

ابن عباس رضي الله عنهما ، فقال أي القرابات أولي بالتوارث من المهاجرين والأنصار وهذه ناسخة لما كان قبلها من التوارث بالخلف، والمؤاخاه التي كانت بينهم

ثانيًا : صلة الرحم يزيد بها الله تعالى العمر ، ويبسط الرزق ، ويصل من وصلها ، وهي من أسباب المحبة بين الأهل، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلّ الله عليه وسلم أنه قال: ” من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه” .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، سمعت رسول الله صلّ الله عليه وسلم يقول ” من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه” صدق رسول الله صل الله عليه وسلم.

وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت أن الرسول صلّ الله عليه وسلم قال لها ” إنه من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من خير الدنيا والأخرة ، وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار، يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار”.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم ” اعرفوا أنسابكم تصلوا أرحامكم ، فإنه لا قرب لرحم إذا قطعت ، وإن كانت قريبة ولا بعد لها ، إذا وصلت وإن كانت بعيدة” صدق رسول الله صلّ الله عليه وسلم.

ثالثًا: صلة الأرحام من الأمور الهامة التي دعا النبي صلّ الله عليه وسلم عليها في أول بعثته، ففي حديث سفيان بن حرب : أن هرقل عظيم الروم ، قال حينما سأله عن رسالة النبي صلّ الله عليه وسلم ، ماذا يأمركم ؟ قال سفيان قلت يقول : اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا واتركوا ما يعبد آباؤكم ، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.

رابعًا: واصل الرحم لا يخزيه الله عزوجل ، ويكون ايمانه قوي ، وتكون خشيته على الله على حسب صلته برحمه، فقد كان النبي صلّ الله عليه وسلم أوصل الناس لرحمة ، كما قالت ام المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، … كلا ولله ما يخزنك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم ، وتقريء الضيف، وتعين على نوائب الحق.

خامسًا: صلة الرحم من أسباب دخول الجنة ، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن رجلا قال ، يا رسول الله !، اخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال صلّ الله عليه وسلم، ” تعبد الله لا تشرك به شيئًا ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم” صدق رسول الله صلّ الله عليه وسلم.

سادسًا: صلة الرحم من أسباب قبول العمل ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال، سمعت رسول الله صلّ الله عليه وسلم يقول ، ” إن أعمال بنى أدام تعرض كل خميس ليلة الجمعة، فلا يقبل عمل قاطع رحم”.

صلة الرحم من سمات أصحاب العقول السليمة ، الذين يجمع الله بينهم وبين أحبابهم في جنان عدن فقال الله تعالى في سورة الرعد : { أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23)}