صلة الرحم شعار الإيمان بالله واليوم الآخر: فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه» رواه البخاري.
أهمية صلة الرحم
صلة الرحم سبب لزيادة العمر وبسط الرزق: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه» رواه البخاري ومسلم. والمراد بزيادة العمر هنا إما: البركة في عمر الإنسان الواصل أو يراد أن الزيادة على حقيقتها فالذي يصل رحمه يزيد الله في عمره.”
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الرزق نوعان: أحدهما ما علمه الله أن يرزقه فهذا لا يتغير. والثاني ما كتبه وأعلم به الملائكة فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب.
فصلة الرحم تجلب صلة الله للواصل: فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك واقطع من قطعك قالت بلى يا رب قال فهو لك» رواه البخاري ومسلم.
وصلة الرحم من أعظم أسباب دخول الجنة: عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم» رواه البخاري ومسلم.
وعلى هذا فصلة الرحم طاعة لله عز وجل: فهي وصل لما أمر الله به أن يوصل، قال تعالى مثنيا على الواصلين { وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } سورة الرعد21 .
قصة عن صلة الرحم
في أحد الأيام ، جلس سالم الثري خلف مكتبه ، وأخذ في حساب بعض الأموال أمامه ، ثم ربت على رزمة من المال أمامه ، وابتسم في سرور وهو يحدث نفسه ، والآن يمكنني أن أبدأ في الصفقة الجديدة ، وما أن انتهى من حديثه ، حتى سمع طرق على الباب ، فأزاح النقود بعيدًا ، وسأل خادمه عن سبب قدومه ، فأجابه أن قريبه وابن عمه يوسف ، يرغب في لقائه ، فأجابه سالم في ضيق شديد وواضح ، دعه يدخل .
دلف يوسف إلى مكتب ابن عمه سالم ، وابتسم في ود بالغ وسأله عن حاله ، بعد أن ألقى عليه تحية الإسلام ، فأجابه سالم في ضيق واضح ، بالتحية وقال له في فتور وبرود واضح ، أنه مشغول الآن ولا يرغب في إضاعة وقته .
هنا تجهم يوسف بشدة ، وغضب جدًا فهو لم يأتِ إلى سالم لطلب المال ، أو طلب خدمة ما ، هو يعلم أنه ثري للغاية ، ولكنه يأتي إليه ليسأل عن حاله ، ويذهب في صمت ، وقد عبّر عما بداخله لسالم ، وأخبره أنه لولا أن أمرنا الله تعالى ، بصلة الرحم لما أتى إليه قط .
فقال له سالم ، إنكم جميعًا تأتونني من أجل المال فقط لا غير ، فقال له يوسف غاضبًا لا لم آت إلى هنا لهذا الغرض ، فسأله سالم ساخرًا لم أتيت إذًا ؟ فأجابه يوسف لقد علمت أنك قد سحبت ، كل أموالك من البنك ، لأنك بصدد عقد صفقة ما ، فانفعل سالم وقال له هكذا إذًا ، أنت تراقبني طمعًا في ثروتي ومالي ، كلكم هكذا لا أحد يسأل ، أو يصل الرحم وإنما فقط من أجل المال ، وطلب من خادمه أن يطرد يوسف ، وأثناء خروج يوسف من مكتب سالم ، قال له لقد أتيت إليك لأنصحك ، بألا تغامر بمالك وشقائك في تلك الصفقة الملعونة ، ولكن سالم لم يسمعه ، وأخبره أنه صاحب المال ، ويرغب في نصيحة منه .
بعد ما حدث ، جلس سالم يفكر في موقف يوسف ، ويتساءل لم قد نصحه بألا يخوض تلك الصفقة ، وفجأة أتاه صديق له ، وأخبره أن الصفقة تمت ويجب عليه دفع المال ، فتوتر سالم وقال له ، لن أدفع سوى بعد أن يطمئنني مدير أعمالي ، وهنا أتاه اتصال هاتفي يخبره ، بأن البضاعة قد نزلت إلى المخازن ، هنا قام سالم بدفع المال لصديقه ، وبعد أن انصرف هذا الصديق ، أتى يوسف إلى سالم مرة أخرى ، فعقد سالم حاجبيه وقال له ، لم أتيت مرة أخرى ، إذا رغبت في الحصول على المال ، فلن أعطيك مليمًا واحدًا.
قال له يوسف ألا تفهم يا سالم ، لقد باعك وخانك مدير أعمالك ، مع صديقك هذا ليستولوا على مالك ، فجلس سالم مصدومًا وهو حزين للغاية ، أموالي لقد ضاعت أموالي ، فقال له يوسف هذا جزاء جبروتك ، وظلمك لأقاربك ومن يصلون رحمك ، فقد قال الله تعالى ؛ فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ، صدق الله العظيم .
جلس سالم يبكي نادمًا ، ويقول ليوسف بحزن شديد ، حقًا لقد كنت ضريرًا وأعمى القلب ، فقد أوصانا الرسول الكريم ، عن الحق جل في علاه ؛ أن الله قد قال ، وأنا الله وأنا الرحمن خلقت الرحم ، وشققت لها اسمًا من اسمي فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها قطعته.
هنا غادر يوسف الغرفة قليلاً ، ثم عاد بحقيبة سالم ، وفتحها أمامه ليجد ماله وقد عاد إليه ، فتهلل وجهه فرحًا ، وسأل يوسف ما هذا !! فأجابه عندما علمت بشأن خيانة مدير أعمالك مع صديقك لك ، تبعت هذا الرجل عقب مغادرته مكتبك ، وأرسلت خلفه شخصًا لا يعرفه ، ليستبدل الحقيبة الذاخرة بمالك ، بحقيبة أخرى ممتلئة بأوراق قديمة ، فاحتضنه سالم وهو يبكي ويطلب منه أن يسامحه ، على سوء ظنه به ، ويخبره أن بالفعل صلة الرحم هي ما جعلته إنسانًا .