بعث رسول الله صل الله عليه وسلم بوفد إلى المقوقس عظيم مصر برئاسة الصحابي حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه، ومعه كتاب من رسول الله يدعو فيه المقوقس إلى الإسلام والسلام ويبشره بأنه في حالة إسلامه فإنه سوف يحصل على الأجر مرتين، وإن رفض فإن عليه إثم القبط، فأكرم المقوقس رسول رسول الله “حاطب” وقبل خطاب رسول الله، وقام على جمع بطارقته ورهبانه وبدأ في توجيه الأسئلة إلى حاطب حتى أجاب عليه حاطب في ذكاء وأدب حيث كان رسول الله يختار سفرائه بعناية، وحينما رد على أسئلة المقوقس أعجب به وبذكائه ورد على كتاب رسول الله بكتاب آخر من عنده يبلغه فيه أنه يؤمن في نبوته وأنه بعث له بالهدايا إكرامًا وتقديرًا له وكانت الهدايا عبارة عن جاريتين وبغلة، وقد قبل رسول الله بهديته.

حديث حاطب مع المقوقس عظيم مصر

وجه المقوقس حديثه إلى حاطب في وجود مجموعة من القساوسة والرهبان قائلًا له:
قال المقوقس: إني سائلك عن كلام، فأحب أن تفهم عني.
قال حاطب: هلم.
قال المقوقس: أخبرني عن صاحبك أليس هو نبي.
قال حاطب: بلى هو رسول الله.
قال المقوقس: فما له حيث كان هكذا لم يدع على قومه حيث أخرجوه من بلده إلى غيرها؟
قال حاطب: عيسى بن مريم أليس تشهد أنه رسول الله.
قال المقوقس: بلى.
قال حاطب: فما له حيث أخذه قومه فأرادوا أن يصلبوه ألا يكون دعا عليهم بأن يهلكهم الله حيث رفعه الله إلى السماء الدنيا؟
قال المقوقس: أنت حكيم قد جاء من عند حكيم، ثم قال: إني نظرت في أمر هذا النبي فوجدت أنه لا يأمر بمزهود فيه، ولا ينهى عن مرغوب فيه، ولم أجده بالساحر الضال، ولا الكاهن الكذاب.

نص كتاب رسول الله الى المقوقس

بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله صل الله عليه وسلم، إلى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى، أما بعد:
«فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن توليت فإنما عليك إثم القبط.
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران:64].»

نص رد المقوقس على كتاب رسول الله

لمحمد بن عبدالله من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك أما بعد:
«فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعوا إليه، وقد علمت أن نبيًا قد بقى وكنت أظنه بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت لك بجاريتين لهما مكان عظيم في القبط، وبثياب وأهديت إليك بغلة تركبها والسلام.»

الدروس المستفادة من كتاب رسول الله للمقوقس

– حرص رسول الله صل الله عليه وسلم على تبليغ دعوته إلى جميع الناس.
– الأسلوب الراقي واستخدام الألفاظ المناسبة للتحدث إلى ملك القبط.
– حسن اختيار الرسول للوفد الذي عليه تبليغ الرسالة والرد على أسئلة المقوقس.
– عدم إسلام المقوقس لا يعني عدم تصديقه لرسالة النبي ولكن قد يكون فيه ما يهدد منصبه.
– حرص المقوقس على البعث بهدية إلى رسول الله تقديرًا له وإظهارًا لروح المودة والحب.
– هدية المقوقس، كانت جاريتين إحداهما السيدة مارية القبطية التي أعتقها رسول الله وتزوجها وأنجب منها ولده إبراهيم.
– عدم إرغام الرسول لأحد من الملوك على الإسلام ولكنه استخدم أسلوب الترغيب والترهيب وليس كما يشاع أن الإسلام جاء بالسيف.