بعد أن تزايدت الأحزان على رسول الله بموت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها و عمه أبو طالب في عام واحد ، تزايدت محاولات إيذاء النبي صلى الله عليه و سلم و مضايقته من أهل قريش .
تداعيات ذهابه للطائف
بعد أن تكالبت الأحزان على نبي الله صلى الله عليه و سلم استغلت قريش موت عمه و زادوا من إيذائه ، و كان من أكثر الأشخاص الذين حاولوا إيذاء النبي أبو لهب ، ذلك الرجل الذي عمل على ملاحقة النبي في أي مكان و بشكل خاص في موسم الحج ، فكان يعمل على إلقائه بالحجارة و يقول أنه صابئ كذاب ، هذا فضلا عن أنه كان يحاول بشتى الطرق أن يمنع الناس من إتباعه ، و حينما ضاق الحال برسول الله في مكة حاول أن يتخذ أسلوب جديد في دعوته ، و حاول أن يغير مكان الدعوة ربما يجد قبولا لدعوته في مكان آخر ، و في ذلك الوقت اختار الطائف لهذا الأمر ، و ذلك لأنه كان يعلم أنها مكان لتمركز سادة قريش ، كما أنها كانت مكان استراتيجي لهم ، وقتها سعى إلى الخروج إليها علها تكون أحسن حال من مكة .
رحلته إلى الطائف
– بعد أن أمن رسول الله طريقه و سبله للوصول إلى منطقة الطائف اتجه إلى سادة القوم ، و ذلك لأنه كان يعلم أنه اليهم ينتهي الأمر ، و قد جاءه ردهم القاسي عليه حيث طلبوا منه أن يخرج خارج بلادهم ، و لم يكتفوا بذلك فقط بل عملوا على إلقاءه بالحجارة و سبه ، و يقال أنه قد سالت الدماء من رأسه حتى قدميه .
– و يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم من شدة التعب سقط مغشيا عليه على وجه الشريف ، و لم يفق إلا و بجواره جبريل ملك الوحي ، وقتها قال له أنه جاء برسالة من الله ، و كان مفاد رسالة الله جل و على اخباره أنه إن شاء يمكنه أن يطبق عليهم الأخشبين ، و لكن رد رسولنا الكريم على سيدنا جبريل قائلا ( أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ) رواه البخاري .
– استمر بعدها أهل الطائف في أذي رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقرر أن يذهب إلى أحد البساتين و التمس الراحة و الأمان في ظل شجرة ، و قد دعا ربه جل و على قائلا ( اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي و قلة حيلتي و هواني على الناس يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين و أنت ربي ، إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري ، أن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات و صلح عليه أمر الدنيا و الآخرة أن يحل على غضبك أو أن ينزل بي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى و لاحول و لاقوة إلا بك ) .
– و حينما سمعوا أهل ذلك البستان صرفوا عنه هؤلاء الذين حاولوا إيذائه ، و قاموا بإرسال أحد الغلمان العاملين بهذا البستان ليساعده و يطعمه ، و كان هذا الغلام نصرانى فبدأ صلى الله عليه وسلم الطعام ببسم الله ، فدار حوار بينه و بين النبي عرف فيه النبي أنه نصراني يعيش في القرية التي عاش فيها سيدنا يونس ، و حينما تحدث النبي عن سيدنا يونس آمن الغلام بنبوته و جلس يقبل يده و قدمه و شهد أنه رسول الله .
– و بعد ذلك عاد نبي الله إلى مكة مجددا ليستأنف خطته الأولى في الدعوة الإسلامية ، و قد عاش صابرا على محاولات إيذاءه ، حتى أن نجده المولى عز و جل في أمر الهجرة .