المقداد بن عمرو بن ثعلبة كان فارسا شجعا قال عنه عمرو بن العاص بأنه بمقام ألف رجل، فكان من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله، وهو أول فارس في الإسلام، وكان سريع الإجابة أذا دعي إلى الجهاد، فكان رفيع الخلق، عالي الهمة، طيب القلب، وفي هذا المقال نتعرف على موقف المقداد بن عمرو من غزوة بدر.
سبب تسميته بالمقداد بن الأسود
كان عمرو بن ثعلبة قد تزوج من امرأة في حضر موت فولدت له المقداد وقد حالف كندة، فلما كبر المقداد وقع بينه وبين أبي شمر بن حجر الكندي، فقام بضرب رجله بالسيف وهرب إلى مكه، فتحالف مع الأسود بن عبد يغوث الزهري، ثم أرسل إلى أبيه، فقدم عليه، فتبنى الأسود المقداد، فأصبح يقال له بالمقداد بن الأسود، ولكن بعد نزول قول الله تعالى : {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5]، قيل له: المقداد بن عمرو، واشتهرت شهرته بابن الأسود، وكان المقداد يكنى أبا الأسود، وقيل عن كنيته أبو عمر، وقيل أبو سعيد.
قصة إسلام المقداد بن الأسود
كان المقداد من أول المعتنقين للإسلام، فقد ورد أنه أسلم في البداية، وذكر ابن مسعود أن أول من أسلموا سبع وذكر أسم المقداد من بينهم، إلا أنه كان يكتم إسلامه عن سيده الأسود بن عبد يغوث خوفا منه، لذلك كان المقداد ينتظر الفرص التي تأتي له لانفلاته من ربقة الحلف، الذي أصبح به من عبودية مقيتة، تحرمه من أبسط حقوقه.
موقف المقداد بن عمرو في غزوة بدر
وكان للمقداد بن عمرو في غزوة بدر موقف لا ينسى فروي أنه لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرق الظبية دون بدر استشار الناس فقال: أشيروا علي أيها الناس، فقام أبو بكر فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال مثل ذلك، ثم قام المقداد بن الأسود فقال: يا رسول الله امض بنا لأمر الله فنحن معك، والله لا نقول لك مثل ما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، والذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تنتهي إليه يا رسول الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيراً» ودعا له بخير.
أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربية المقداد بن الأسود
ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاية احدى الإمارات يوما، فلما رجع سأله رسول الله: “كيف وجدت الإمارة؟” فأجاب: لقد جَعَلتني أنظر إلى نفسي كما لو كنت فوق الناس، وهم جميعًا دوني، والذي بعثك بالحق، لا أتأمرن على اثنين بعد اليوم أبداً.
وروى ثابت البناني عن أنس بن مالك عن المقداد بن الأسود أنه قال: والله لا أشهد لأحد أنه من أهل الجنة حتى أعلم ما يموت عليه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لقلب ابن آدم أسرع انقلابًا من القدر إذا استجمعت غليًا”.
بعض الأحاديث التي نقلها المقداد بن الأسود عن الرسول
عن أبي النضر، عن سليمان بن يسار، عن المقداد بن الأسود: أن علي بن أبي طالب أمره أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل إذا دنا من امرأته فخرج منه المذي: ماذا عليه؟ فإن عندي ابنته وأنا أستحي أن أسأله، فسألت رسول الله عن ذلك فقال: “إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه وليتوضأ وضوئه للصلاة”.
ما قيل عن المقداد بن الأسود
قال أبو ربيعة الأيادي، عن عبد الله بن بُرَيدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله أمرني بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم: علي، والمقداد وأبو ذر، وسلمان” أخرجه التِّرمِذي وابن ماجه؛ وسنده حسن.
وفاة المقداد بن الأسود
روي أن المقداد كان كبير البطن، وكان له غلام رومي، فقال له : أشق بطنك فأخرج من شحمه حتى تلطف، فشق بطنه، ثم خاطه؛ فمات المقداد، وهرب الغلام، فمات وهو في سن ثلاثة وثلاثين عاما أثناء خلافة عثمان بن عفان وقيل وهو بن سبعين عاما، ودفن بالبقيع.