تطور النثر في العصر العباسي وازدهر بصورة كبيرة للعديد من الأسباب ومن أبرزها إطلاع العرب على ثقافات الأمم الأخرى والأخذ منها والتفاعل معها، وظهر في العصر العباسي عدد من الكتاب، امتلكوا قدرة كبرة على الكتابة وأتقنوا فنونها، وتركوا العديد من المصنفات التي أغنت الأدب العربي في عصور تالية، وكان لأساليبهم البيانية أثرها الكبير في الأدباء من بعدهم.
خصائص النثر في العصر العباسي
تنوعت الفنون النثرية في العصر العباسي، وهذا أغنى الساحة الثقافية وهو ما يدل على النهضة التي شهدتها حركة تطور النثر في العصر العباسي، وأصبح هذا الفن يضاهي الشعر أهمية وحظوة لدى النقاد، ويستطيع أن يعرف من يتابع الشعر تطور الشعر الذي حدث في العصر العباسي، حيث أنه سيلاحظ مدى ارتباطها بعوامل إجتماعية وسياسية واقتصادية فرضتها الظروف الخاصة بهذا العصر، حيث تتعددت المظاهر والخصائص الدالة على هذا العصر وخاصة السياسية والعقلية.
اغراض الشعر في العصر العباسي
اهتم شعراء العصر العباسي بتنوع وتجديد أغراض الشعر في العر العباسي، وظهرت أغراض جديدة مع الأغراض الأساسية، ومن بين أغراض الشعر العباسي ما يلي
الرثاء، حيث ابتدع الشعراء العباسيون ضربًا جديدًا وهو رثاء المدن، حين تحل بها النكبات والكوارث، كرثاء بغداد والبصرة حينما هاجمها الزنج، وبعض الشعراء رثوا الطيور والحيوانات.
الغزل، اشتهر الغزل بصورة كبيرة في العصر العباسي وتشرب بروح الحضارة الجديدة، وتلطفت معانيه، ولكن الشعراء انحدروا به إلى هاوية الفحش وأصبح غزلًا ماجنًا، يجهر دعاته بالفسق والأثم دون رادع وأمثاله غزليات بشار بن برد وأبي نواس.
الوصف، أصبح هذا فنًا قائمًا بذاته، واتسع ليشمل شتى مظاهر الطبيعة كالحدائق والبساتين والمنشآت، والبرك والسفن والأساطيل.
الحكمة، وهي من الأغراض المعروفة قديمًا ولكنها اتسمت في العصر العباسي بالدفء والعمق، اللذين اكتسبهما الشعراء من إلمامهم بعلوم المنطق والفلسفة.
الشعر التعليمي، وهو من الأغراض الجديدة على الشعر العباسي، والهدف منه تأديب الناشئة وتهذيب نفوسهم وتيسير التحصيل والحفظ والاستذكار.
الوقائع الحربية، ارتقى شعر الوقائع الحربية في العصر العباسي وتطورت أشكاله ومضامينه نتيجة لتمازج العرب مع الأمم المجاورة وبروز المنطق والفلسفة.
سمات الادب في العصر العباسي
يُعد العصر العباسي من أكثر العصور الإسلامية ازدهارًا للحركة الأدبية والثقافية وقد اهتم الخلفاء العباسيين كثيرًا بالشعر والشعراء والأدباء، وأجزلوا لهم العطايا، وأصبحت الدولة العباسية بمثابة عاصمة للفكر والأدب والعلم والثقافة، بل أصبحت مركزًا مهمًا للتأليف والكتابة، وانتشر الكثير من الرواة والكتاب والشعراء وازدهرت تجارة الأوراق، وظهر الكثير من الشعراء النوابغ وساهم الاستقرار السياسي في ذلك الوقت تطوير الفنون والآداب والإلتفات إلى قضايا الفلسفة والفكر.
تطور النثر في العصر العباسي
تطور النثر في العصر العباسي كثيرًا وخاصة التوقيعات التي شهدت تطورًا كبيرًا، وهو مصطلح يطلق على تعليقات الخلفاء والوزراء على الرسائل المرفوعة إليهم أي الشروحات الخاصة على الكتب الرسمية، وأصلها فارسي، وانتقلت من خلال حركة الأخذ والعطاء الأدبية التي شهدتها حركة تطور النثر في العصر العباسي، وتميز النثر وقتها بالإيجاز والوضوح، والكتابة محكمة السبك دون تكلف، حيث أنها تدل على سرعة البديهة لدى كاتبها.
مدارس النثر في العصر العباسي
مع تطور الأساليب النثرية وكثرة شعراء العصر العباسي وبروز عدد من الأدباء الذين أبدعوا في الكتابة كان لابد لكل كتب منهم أن يتميز بأسلوبه النثري الخاص به مما أدى إلى تنوع وتعدد المدارس والأساليب للنثر في العصر العباسي، ومن بينها :
ـ أسلوب ابن المقفع، كان أول من أرسى دعائم أسلوب النثري القائم على المزج بين لغة الخاصة بصعوبتها وغرابتها ولغة العامة بسهولتها وشعبيتها، ولائم أسلوبه الأدبي بين مستجدات العصر الثقافية وحاجاته، وبين مقومات اللغة العربية النحوية واللغوية وأصولها، وتميز أسلوبه بأنه سهل ممتنع، حيث يتميز بجزالة اللفظ ورصانته وبعده عن غريب الألفاظ وحرصه على تناسب اللفظ مع المعنى.
أسلوب الجاحظ، تميز بالعديد من الخصائص والمميزات، حيث أنه أول من أقام الجدل بين الحالات المتناقضة والأشياء، وأول من وضع كتابًا في فكر أو رأي ما، ومن أهم سمات أسلوبه الأدبي كثرة الاستطراد واستخدمه كل طاقات اللغة الموسيقية مما يحقق لجملته إيقاعًا موسيقيًا.