بعد وفاةِ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في السّنة الحادية عشرة للهجرة، استلَمَ بعده خلافة المسلمين أبو بكر الصدّيق -رضي الله عنه- لتبدأ باستلام أبي بكر الخلافة الراشديّة التي استمرَّت مع عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهم أجمعين-، ثمَّ انتقلت الخلافة الإسلامية إلى الأمويين بَدْءًا بمعاوية بن أبي سفيان واستمرَّت حتَّى آخر خلفاء بني أمية وهو مروان بن محمد، ثمَّ استلم العباسيّون الخلافة الإسلامية، وكان أوَّل خلفائهم أبو العباس السفَّاح وآخر خلفائهم هو مُحمَّد المتوكل على الله، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على الخلافة العباسية، وتحديدًا على أسباب سقوط الدولة العباسية.
الخلافة العباسية
هي تلك الخلافة الإسلامية الثالثة في الترتيب الخاص بالخلافات الإسلامية وهي أيضاً ثاني تلك السلالات التي تولت الحكم في الإسلام بعد أن تمكن العباسيون من القضاء على بني أمية وهزيمتهم وبالتالي تمكنوا من الحكم للدولة الإسلامية حيث أن العباسيون في سبيل بسط نفوذهم وسيطرتهم على أمور الحكم في الدولة الإسلامية قد قاموا بقتل ومطاردة العديد من بني أمية ، حيث لم ينجى منهم إلا قلة صغيرة و هي التي قامت باللجوء والهروب إلى الأندلس والخلافة العباسية قد تأسست على أيدي تلك السلالة التي تعود أصولها إلى أصغر أعمام الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو العباس بن عبد المطلب .
وواجه العباسيون العديد من الصعوبات والعوائق في البداية والتي كانت واقفة أمام حلمهم بالخلافة العباسية ، حيث كان من أبرز تلك العوائق والصعوبات هي وجود الخلافة الأموية ، حيث أعتمد العباسيون في بداية الأمر على قتال الأمويين بأنفسهم علاوة على توظيفهم للعديد من الفرس من اجل قتال الأمويين معهم ، حيث كان الفرس يبادلون الأمويين الكراهية الشديدة وذلك نظرا لقيام الأمويين باستبعادهم من المناصب والمراكز الهامة في الخلافة الأموية وذلك بقصرها فقط على العرب هذا بالإضافة إلى استخدامهم للعباسيون الشيعة في العمل على زعزعة أمن و استقرار الحكم الأموي وبالفعل تمكن العباسيون في النهاية من إسقاط الخلافة الأموية والقضاء عليها و أعلنوا قيام الخلافة العباسية .
اسباب انهيار الدولة العباسية
يوجد العديد من الأسباب والعوامل الرئيسية والتي أدت في النهاية إلى سقوط ودمار الخلافة العباسية بشكل كامل ومن ضمن تلك العوامل والأسباب :
أولاً :- تولى زمام القيادة والحكم في الدولة العديد من القادة الغير عرب ، حيث كان وبعد وفاة الخليفة العباسي المأمون تحديداً وتوليه أخيه المعتصم الخلافة إلا وقد كانت قد بدأت مظاهر الانحلال والضعف والتفكك في التفشي والانتشار بشكل رهيب في جسد الدولة العباسية وخصوصا لدى قدة الجيش ولذا فقد رغب الخليفة المعتصم من الحد من تلك النفوذ والسطو الكبيرة لقادة الجيش العباسي في الدولة العباسية فقام ببناء جيشاً على رأسه العديد من القادة الأتراك والذين كانوا يتلقون أوامرهم تحديداً وبشكل مباشر من الخليفة ولكن مع مرور الوقت بدأت قوتهم ونفوذهم يظهرون بل أصبحوا يملكون زمام السلطة الفعلية في الدولة العباسية حتى أنهم قد أصبح في استطاعتهم عزل الخليفة العباسي من منصبه .
ثانياً :- بروز العديد من الحركات الشعبية والدينية والتي كانت مختلفة عن المعهود ، حيث كان لظهور تلك الحركات العديد من الآثار السلبية على الدولة العباسية ، حيث ساد مبدأ تفضيل الشعوب الأخرى على العرب ودار الجدل والانقسام بين طوائف الدولة العباسية فبالتالي سادت الفوضى بشكلاً عاماً في جسد الخلافة العباسية .
ثالثاً :- كان تولى عدد من الخلفاء الضعاف عديمي الخبرة والحنكة السياسية من ضمن تلك الأسباب التي أدت إلى انتشار الفساد وانصراف عدداً كبيراً من المسئولين الكبار في الخلافة العباسية إلى الترف واللهو فكان من نتائج ذلك زيادة نفقات الدولة والتراجع الشديد في إيراداتها المالية حتى أصبحت الخلافة العباسية عاجزة عن تحصيل ضرائبها فعمت الفوضى ومظاهر الضعف والتفكك فيها حتى ظهرت العديد من الولايات التي لا تقع تحت سلطة الخلافة العباسية نتيجة تمرد حكامها على سلطة الخليفة العباسي .
رابعاً :– التعدد الكبير للديانات والمذاهب حيث ظهر ذلك جلياً في عودة العديد من الديانات الوثنية مرة أخرى إلى الساحة مثل الديانة المجوسية والمزدكية الأمر الذي زاد من أضعاف الدولة العباسية .
خامساً :- ظهور عدداً من الدول المستقلة عن الخلافة العباسية بشكل كامل مثل دولة الأدارسة في المغرب العربي والدولة الفاطمية بمصر والحجاز واليمن .
نهاية الدولة العباسية
كنتيجة طبيعية لحالة الضعف والوهن والانقسام وعدم قدرة الدولة العباسية على بسط نفوذها على ولاياتها بل على قادتها أنفسهم تشجع التتار وقاموا بالهجوم على بغداد عاصمة الخلافة العباسية في عام ( 1258 م ) ، وقاموا بهزيمة الجيش العباسي وتدميره وتمكنوا من بغداد ومن الخليفة العباسي نفسه وحدثت العديد من المجازر لأهلها ونالها تدميراً غير مسبوقاً و هكذا كانت نهاية الخلافة العباسية .