لقد ازدهرت الحركة العلمية بشكل ملحوظ في العصر العباسي ؛ حيث اهتم الخلفاء بالعلم والعلماء بشكل خاص ، وهو ما خلّف بدوره شخصيات علمية من العصر العباسي في كافة المجالات العلمية مثل الفيزياء والكيمياء والطب والفلك وغير ذلك من العلوم التي تطورت في هذا العصر ؛ حيث ترك العديد من علماء العصر العباسي بصمتهم المؤثرة في العلوم من خلال أبحاثهم وكتبهم وتجاربهم ، وقد برز علماء هذا العصر في مجال علم الفيزياء بشكل كبير ؛ حيث لمعت مجموعة من الأسماء في هذا المجال الذي تقدم على أيديهم كثيرًا بجوار العلوم الأخرى.
علماء العصر العباسي
أصبح العصر العباسي شاهدًا على نهضة علمية غير مسبوقة ؛ حيث ازداد عدد العلماء وخاصةً في عهد ولاية الخليفة هارون الرشيد ؛ حيث انه سعى لتحقيق الاستقرار والتقدم للدولة العباسية بعد خوضها رحلة من النزاعات ، وقد قام الرشيد بتقريب العلماء منه ومنحهم الحرية في الرأي والتعبير ، كما دعمهم ماديًا ومعنويًا ؛ حتى أصبحت الدولة العباسية مركزًا علميًا بارزًا ، كما أن العديد من العلماء قد ظهروا على الساحة في شتى المجالات خلال الفترات الزمنية المختلفة بالعصر العباسي أمثال أبو بكر الرازي وجابر بن حيان ومحمد بن موسى وغيرهم الكثير من العلماء الذين خلّدوا أسمائهم في التاريخ.
علماء العصر العباسي في الفيزياء
لقد نجح علماء العصر العباسي في الازدهار بكافة العلوم ، ومن بينها علم الفيزياء الذي تطور على يد مجموعة من كبار العلماء ، ومنهم :
الحسن بن الهيثم
اسمه أبو العلي آل حسن بن الهيثم ، وكان مولده في البصرة بالعراق عام 965م ، وهو أحد أهم العلماء العرب في العصر العباسي ؛ حيث أنه قد ساهم بالعديد من الإنجازات في مجالات علمية مختلفة وعلى رأسها علم الفيزياء ، وقد نجح في تطوير المبادئ الخاصة بالبصريات واستخدام التجارب العلمية ، وكان أول من استطاع أن يثبت أن الضوء ينعكس إلى العين من جميع النقاط بالجسم ، وذلك على عكس ما كان معروفًا آنذاك وهو أن العين هي مصدر الأشعة ، كما أنه ابتكر كاميرا أطلق عليها اسم “البيت المظلم” ، بالإضافة إلى أنه قد ساهم في العديد من العلوم الأخرى مثل الطب.
يعقوب إسحاق الكندي
هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي ، وقد وُلد بالكوفة عام 805م ، حفظ القرآن الكريم في سن مبكر ؛ لينتقل فيما بعد إلى مرحلة البحث عن العلوم المختلفة حيث تمكن من تحصيل العلم على يد كبار علماء بغداد ، وقد اشتهر كفيلسوف وعالم قدم العديد من الإسهامات في العلوم المختلفة وخاصةً في علم الفيزياء وبالتحديد في مجال الفلك الذي خاضه بالتجارب والدلائل ، ومن أبرز أعماله في هذا المجال كتاب بعنوان “الحكم على النجوم” ؛ وهو كتاب مكون من أربعين فصل ، وقد أورده الكندي في شكل أسئلة وأجوبة وأطروحات مختلفة فيما يخص تغيرات الطقس وأشعة النجوم ؛ وغير ذلك مما يتعلق بالفلك ، كما ساهم كذلك في علم البصريات والرياضيات والطب والكيمياء.
الفارابي
اسمه محمد بن طرخان بن أوزلغ أبو نصر الفارابي ، وكان مولده في منطقة موجودة على نهر جيحون “فاراب”بإقليم تركستان عام 874م ، وقد عُرف أنه تركي مستعرب ينتمي إلى كبار فلاسفة وعلماء المسلمين بالعصر العباسي ، وقد ساهم في مجال علم الفيزياء ؛ حيث قام بكتابة مقولة صغيرة بعنوان “الخلاء” ، والتي ناقش من خلالها ماهية الفراغ ، ويُذكر أنه على الأرجح هو من قام بأول تجربة علمية من أجل أن يتحقق من وجود الفراغ ، وذلك من خلال دراسته للسلوك المكابس المغمورة بالماء ؛ حيث تمكن من الوصول إلى أن الهواء يتمدد دائمًا حتى يملئ الفراغ المحيط ، ولذلك كان يرى أن وجود الفراغ مجرد فكرة غير منطقية.