لقد ضرب الله تعالى الأمثال بالرسل والأنبياء عليهم السلام في القرآن الكريم بقوة تحملهم وصبرهم ؛ حيث أنهم كانوا أشد الناس ابتلاءًا ومعاناة في الحياة الدنيا ، وذلك لأن الله تعالى يبتلي عباده المؤمنين ليختبر قوة إيمانهم ومدى صبرهم على عطاء الله ؛ ليجزيهم بما صبروا خير الجزاء ، وقد وردت قصة سيدنا ايوب بالقرآن الكريم ؛ لتكون عبرة وعظة لبني البشر ؛ حيث أن نبي الله أيوب عليه السلام قد تحمل كثيرًا من الآلام نتيجة لمرضه الذي دام طويلًا.
من هو نبي الله أيوب عليه السلام
ورد أن اسمه هو أيوب بن موص بن رازح بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام ، وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز “وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ” ، وكان مولده في أرض الروم ، وقد تميز بكثرة ذكره وشكره لله تعالى ، واصطفاه المولى عزّ وجل ليكون نبيًا يدعو قومه للهدى والإيمان ، وقد نزل الوحي على نبي الله أيوب ؛ حيث يقول الله تعالى “إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ”.
مرض سيدنا أيوب عليه السلام
لقد ابتلى الله تعالى عبده ونبيه أيوب عليه السلام بفقدان كل ما كان يملك من رزق كثير ، كما أصابه بمختلف أنواع الأمراض التي تغلغلت في جسده ؛ غير أن قلبه ولسانه لم يصبهما أذى ، ولذلك كان مداومًا على الحديث بذكر الله تعالى في كل وقت سواءًا بالليل أو النهار ، وقد ابتعد عنه كل الناس نتيجة لمرضه ؛ حيث نفروا منه واجتنبوا الجلوس معه ؛ إلا زوجته التي بقيت بجواره في خدمته تُحسن إليه دون شكوى ، وكانت تعمل عند الناس كأجيرة كي تُحضر الطعام لزوجها ، ولقد اشتهرت بصبرها على فقدان المال والأولاد.
كان الناس يخافون من الإصابة بعدوى من مرض نبي الله أيوب عليه السلام ، وهو ما جعل بعض الناس تُبعد زوجته وتصدها عن العمل لديهم لعلمهم بأنها أقرب الناس إليه ، ولذلك لم تجد حلًا إلا أن تقوم ببيع جزء من شعرها إلى بنات من الأشراف مقابل الكثير من الطعام ، وبعد أن باعت ضفيرتها الأولى لم تجد مفرًا من بيع الضفيرة الثانية أيضًا ، وقد تعجب نبي الله أيوب من جلبها الكثير من الطعام ؛ فقامت بالكشف عن رأسها ، وهنا دعا نبي الله أيوب عليه السلام ربه ؛ حيث يقول الله تعالى”وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”.
وبعد أن دعا أيوب ربه ؛ استجاب له الله تعالى ؛ حيث يقول الله تعالى في رده سبحانه على دعوة نبيه أيوب “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ” ، ويقول الله أيضًا عن دعوة أيوب “وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ” ، وفي رده سبحانه على هذه الدعوة يقول “ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ” ، ومن هنا انفجرت لنبي الله أيوب عينًا من الماء الباردة ؛ حيث امتثل لأوامر الله بأن يغتسل ويشرب منها ؛ فأتم الله شفاه من كل الأمراض التي أصابته ؛ حيث أبدله عن كل هذه الأسقام بالصحة والعافية والرزق.