ورد ذكر الكثير من الأنبياء و الرسل في القرآن الكريم بأسماء غير تلك التي عرفناهم بها، فمنهم من سمي على اسم قومة، ومنهم من سمي لصفاته ومنهم من سمي لاسباب اخرى
عيسى عليه السلام وبني إسرائيل
إشكالية رفع عيسى عليه السلام إلى السماء أو صلبه هي نقطة الخلاف بين المسيحيين والمسلمين، وقد فعل الله سبحانه وتعالى ذلك لحكمة كبيرة، لم تتكرر في أحد من الرسل، وأرسل عيسى بن مريم عليه السلام إلى بني إسرائيل، فصبر عليه السلام على أذاهم له، وكذبهم وغدرهم به، وقد أتى عيسى ليدعوا إلى ما دعت له التوراة، قال تعالى : ” وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ (48) وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (49) وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ۚ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ” سورة آل عمران.
متى رفع عيسى عليه السلام الى السماء
لم تؤمن بني إسرائيل بما جاء به عيسى بن مريم، وعقدوا عزمهم على قتله، وشرعوا في ذلك إلا أن الله نجاه ورفعه إليه، وقد قرر أحبار اليهود ذلك لأن دعوة عيسى عليه السلام كانت مقلقة لهم، ذلك لأنهم قاموا بتحريف الكتب السماوية، لذا فقد خططوا لقتل عيسى ابن السيدة مريم، لكي يحتفظوا بحكم بني إسرائيل، ولأنهم شعروا أن دعوة عيسى سيتبعها الكثير من الناس، لذا فقد ذهب مجموعة من أحبار اليهود للحاكم الروماني، وأخبروه أن دعوة عيسى عليه السلام فيها خطر على حكمه، وقد تنهيه، وبالتالي آمن معهم الحاكم بضرورة التخلص من عيسى عليه السلام وقتله، إلا أن هذه الأخبار وصلت بصورة ما إلى عيسى ابن مريم، فاختفى عن الأنظار، وأخبر مجموعة من الحواريين بمكانه ” وهم الذين ذكروا في القرآن ” وهم أنصار عيسى عليه السلام.
إلا أن أحدا منهم يدعى ” يهوذا الأسخريوطي ” أخبر بمكانه مقابل عدة دراهم، فجعل الله تعالى هذا الواشي على شكل عيسى عليه السلام، فظن القوم أنه عيسى وأخذوه وصلبوه وقتلوه، ورفع الله عيسى ابن مريم إلى السماء ببدنه وروحه، قال تعالى : ” وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ” سورة النساء آية 157، 185، وقال الله عز وجل في سورة آل عمران الآية 55 : ” إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ”.
ويقال أن عيسى رفع بين الثالثة والثلاثين والأربعين عام، بدليل قوله تعالى : ” إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِين َ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ ” سورة آل عمران الآية 45، 46، وقال تعالى : ” إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ ” سورة المائدة آية 110، وتشير الآيتان أن عيسى سوف يظل يدعو إلى الله وهو كهل، وقد أجمع العلماء أن الكهل من جاوز الثلاثين وخطه الشيب، أو من جاوز الأربعين، إلا أن كل هذه اجتهادات علماء، وليس هناك دليل واضح يخبرنا في أي عمر رفع عيسى تحديدا.
نزول عيسى من السماء مرة أخرى
سينزل عيسى عليه السلام من السماء مرة أخرى في آخر الزمان، حيث يظل في الأرض فترة من الزمن، يحكم فيها الناس بالعدل، وبشريعة الله تعالى الحقة، وقد استدل العلماء على نزول عيسى من القرآن بالآية 158، 159 من سورة النساء : ” بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا “، كما أن الأحاديث النبوية الشريفة تقول أن عيسى عليه السلام سيأتي ليقتل المسيح الدجال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي وإنه نازل، فيهلك الله في زمانه المسيح الدجال وتقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم ” رواه أحمد وصححه ابن حجر .