يأتي الرضا بقضاء الله وقدره على الوجه الصحيح يالكثير من الثمرات العظيمة والأخلاق الجميلة والعبوديات المختلفة التي يعود أثرها على الفرد والجماعة في الدنيا والآخرة .
ومن هذه الثمرات ، الثمرات الإيمانية العقدية التي تعود على إيمان العبد بالزيادة ، وثبات عقيدته ، كما أن منها ثمرات أخلاقية تعود عليه بطيب النفس وحسن الخلق ، وحسن المعشر ، وتزداد بها الأعمال نورا ، بالإضافة إلى الثمرات النفسية الرائعة التي تكسب صاحبها السكينة والطمأنينة والراحة ، وتضفي عليه الهدوء والأمان.
ثمرات الرضا بقضاء الله وقدره
– يعد من تمام الإيمان ، حيث لا يتم الإيمان إلا بقضاء الله وقدره .
– يعد من تمام الإيمان بالربوبية لأنه قدر من الله من أفعاله .
– يرد الإنسان أموره إلى ربه لأنه إذا علم أن كل شيء يسري بقضاء الله وقدره فسيعود إلى الله في دفع الضراء ورفعها وإضافة السراء إلى الله ويعلم أنها من فضل الله عز وجل عليه .
– أداء عبادة الله عز وجل .فالقدر مما تعبدنا إلى الله سبحانه وتعالى .
– إضافة النعم إلى مسديها ، لأنك إذا لم تؤمن بالقدر، أضفت النعم إلى من باشر الإنعام ، وهذا يوجد كثيراً في الذين يتزلقون إلى الملوك والأمراء والوزراء، فإذا أصابوا منهم ما يريدون ، جعلوا الفضل إليهم، ونسوا فضل الخالق سبحانه.
– الشجاعة والإقدام : فالذي يؤمن بالقدر يعلم أنه لن يموت إلا إذا جاء أجله، وأنه لن يناله إلا ما كتب له، فيقدم غير خائف ولا مبال بما يناله من الأذى والمصائب في سبيل الله ، لأنه يستمد قوته من الله العلي القدير الذي يؤمن به ويتوكل عليه، ويعتقد أنه معه حيثما كان ، والتوكل على الله معنى حافز وشحنة نفسية موجهه تغمر المؤمن بقوة المقاومة وتملؤه بروح الإصرار والتحدي وتقوي من عزيمته .
– الإيمان بالقدر طريق الخلاص من الشرك : فالمجوس زعموا :أن النور خالق الخير ، والظلمة خالقة الشر ، والقدرية قالوا : إن الله لم يخلق أفعال العباد ، فهم أثبتوا خالقين مع الله وهذا شرك، والإيمان بالقدر على الوجه الصحيح توحيد لله.
– الصبر والاحتساب ومواجهة الأخطار والصعاب : فالذين لا يؤمنون بالقدر ربما يؤدي الجزع ببعضهم بالله وبعضهم يجن ، وبعضهم يصبح موسوساً
– قوة الإيمان : فالذي يؤمن بالقدر يقوى إيمانه، فلا يتخلى عنه ولا يتزعزع أو يتضعضع مهما ناله في ذلك السبيل.
– الهداية : كما في قوله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(سورة التغابن /11).
– التوكل واليقين والاستسلام لله والاعتماد عليه : كما في قوله تعالى : (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (سورة التوبة/51).
– الكرم : الذي يؤمن بالقدر وأن الفقر والغنى بيد الله وأنه لا يفتقر إلا إذا قدر الله له ذلك ، فإنه ينفق ولا يبالي.
– إحسان الظن بالله وقوة الرجاء : فالمؤمن بالقدر حسنُ الظن بالله ، قوي الرجاء به في كل أحواله .
– الإخلاص : فالذي يؤمن بالقدر لا يعمل لأجل الناس ، لعلمه أنهم لن ينفعوه إلا بما كتبه الله له.
– القضاء على كثير من الأمراض التي تفتك بالمجتمع : وتزرع الأحقاد بينها ، وذلك مثل رذيلة الحسد فالمؤمن لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضه ، لإيمانه بأن الله هو الذي رزقهم وقدر لهم ذلك، فأعطى من شاء ، ومنع من شاء ابتلاءً وامتحاناً منه ، وإنه حين يحسد غيره إنما يعترض على القدر.
– الخوف من الله والحذر من سوء الخاتمة : حيث أن المؤمن بالقدر دائماً على خوف من الله، وحذر من سوء الخاتمة ، إذ لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ، فلا يغتر بعمله مهما كثر، فالقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها حيث يشاء، والخواتيم علمها عند الله سبحانه وتعالى.
– تحرير العقل من الخرافات والأباطيل : فمن بديهيات الإيمان بالقدر ، الإيمان بأن ما جرى وما يجري وما سيجري في هذا الكون إنما هو بقدر الله، وأن قدر الله سر مكتوم، لا يعلمه إلا هو، ولا يطلع عليه أحد إلا من ارتضى من رسول.
– الجد والحزم في الأمور والحرص على كل خير ديني أو دنيوي : فإن الإيمان بالقضاء والقدر يوفر الإنتاج والثراء؛ لأن المؤمن إذا علم أن الناس لا يضرونه إلا بشيء قد كتبه الله عليه، ولا ينفعونه إلا بشيء قد كتبه الله له؛ فإنه لن يتواكل، ولا يهاب المخلوقين، ولا يعتمد عليهم، وإنما يتوكل على الله، ويمضي في طريق الكسب، وإذا أصيب بنكسة، ولم يتوفر له مطلوبه ؛ فإن ذلك لا يثنيه عن مواصلة الجهود، ولا يقطع منه باب الأمل، ولا يقول: لو أنني فعلت كذا؛ كان كذا وكذا ! ولكنه يقول: “قدر الله وما شاء فعل” ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان )
ويمضي في طريقه متوكلا على الله، مع تصحيح خطئه، ومحاسبته لنفسه، وبهذا يقوم كيان المجتمع، وتنتظم مصالحه، وصدق الله حيث يقول: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)(الطلاق/3).
– التواضع : فالمؤمن بالقدر إذا رزقه الله مالاً، أو جاهاً أو علماً أو غير ذلك تواضع لله، علمه أن هذا من الله وبقدر الله ، ولو شاء لانتزعه منه، إنه على كل شيء قدير.
– السلامة من الاعتراض على أحكام الله الشرعية وأقداره الكونية ، والتسليم له في ذلك كله.
– الرضا : فيرضى بالله سبحانه ربا مدبرا مشرعا، فتمتلئ نفسه بالرضا عن ربه سبحانه ، فإذا رضي بالله عز وجل أرضاه الله سبحانه وتعالى .
– الشكر : فالمؤمن بالقدر يعلم أن ما به من نعمة فمن الله وحده، وأن الله هو الدافع لكل مكروه ونقمه، فينبعث بسبب ذلك إلى الشكر لله ، إذ هو المنعم المتفضل الذي قدر له ذلك، وهو المستحق للشكر، وهذا لا يعني ألا يشكر الناس.
– عدم اليأس من انتصار الحق : فالمؤمن بالقدر يعلم علم اليقين أن العاقبة للمتقين ، وأن قدر الله في ذلك نافذ لامحالة، فلا يدب اليأس إلى روعه ، ولا يعرف إليه طريقا مهما اشتدت ظلمة الباطل.
– سكون القلب وطمأنينة النفس وراحة البال : فلا يدرك هذه الأمور ، ولا يجد حلاوتها ولا يعلم ثمراتها إلا من آمن بالله وقضائه وقدره، كما أنه وسيلة لمواجهة القلق النفسي فالمؤمن الحق إذا أصابته مصيبة مقدرة فعليه ألا يتحسر ، بل عليه أن يقول : “قدر الله وما شاء فعل” ، ولا عليه أن يتمنى حدوث عكس ما وقع ، لأن ذلك يورث حسرة وحزنا لا يفيد، والتسليم للقدر هو الذي يشيع الأمن والاطمئنان ويقضي على مشاعر القلق والتوتر.