يتعلق الأطفال بالقصص والحكايات لاسيما قبل النوم، ويمكن على الأبوين استغلال هذا الحب في زرع العادات والأفكار الإيجابية في ذهن الطفل، وسنذكر الآن قصص جميلة يمكن للأبوين حكايتها للأطفال .

قصة الراعي والكرة الزجاجية

كان هناك طفل صغير يدعى ناصر، وكان يسكن مع عائلته في أحد أطراف قرية إسبانية، وكان ناصر يعمل في مهنة رعي الأغنام، ويخرج كل يوم في الصباح الباكر، ومعه قطيع من الغنم، ويذهب إلى التلال ويظل هناك حتى غروب الشمس، ثم يعود إلى المنزل، وكانت قرية ناصر وجميع أهلها يعيشون في سعادة كبيرة ورضا، في أحضان الطبيعة الخلابة البسيطة، وفي أحد الأيام، كان ناصر في نفس المكان الذي يرعى فيه كل يوم، فلت انتباهه بريق يأتي من خلف الأزهار، فذهب ليرى ما الذي يتسبب في سطوع هذا البريق، فوجد ناصر كرة زجاجية شفافة جميلة، وبدأ يقلبها يمينا ويسارا، حتى فوجئ ناصر بصوت يخرج من الكرة، ويخبره بأن له أمنية سوف يحققها له، فخاف ناصر وارتبك كثيرا ولم يستطع قول شيء، ودارت الكثير من الأفكار في رأسه، وطلب من الكرة أن تسمح له بتأجيل أمنيته قليلا، وفي اليوم التالي لم يستطع ناصر طلب شيء أيضا من الكرة .

ومر يوم بعد يوم وكانت حياة ناصر في غاية السعادة، لذا لم يجد أي طلب ليطلبه من الكرة، وفي يوم من الأيام أثناء ذهاب ناصر لمكان الرعي، كان يتبعه أحد الأطفال، واكتشف سره وأمر الكرة، فسرقها من ناصر أثناء نومه وعاد بها إلى القرية، فعندما علم أهل القرية بأمر الكرة وقدرتها على تحقيق الأمنيات، بدأوا في طلب الذهب والمجوهرات والمنازل الكبيرة، إلا أن هذه الأمنيات لم تزدهم سعادة بل جلبت لهم المزيد من التعاسة، وامتلئت قلوبهم بالحسد والغيرة لكون بعضهم يمتلك ذهبا فقط، والبعض الآخر يمتلك منازل فاخرة فقط ولا يمتلك ذهبا، ومع مرور الوقت أصبحت القرية تعيسة ولا تطاق، فقرر أهل القرية الذهاب لناصر وإعادة الكرة له، ومعرفة كيف استطاع الحفاظ على سعادته بالرغم من امتلاكه الكرة في أول الأمر، وقد أخبر ناصر أهل القرية بأن كل الذهب والمجوهرات والمنازل الفارهة لا تجلب السعادة، إنما السعادة الحقيقة تأتي من حب الأخرين ومشاركتهم في كل شيء، والبعد عن الغيرة والحسد، مع الشعور بالرضا في كل وقت .

وفي نهاية الحديث أخذ ناصر الكرة، وكانت أمنيته منها أن تعود القرية كما كانت، في بساطة وسعادة وتعاون .

قصة الغنى الحقيقي

كان يا مكان في سالف العصر والأوان، كان هناك رجل ثري جدا، يسكن في أحد المدن الكبيرة، وكان هذا الثري يتافخر طوال الوقت ويتباهى بما يملك من أموال، أمام أصدقائه وعائلته وأقاربه، وكان هذا الرجل له ابن يدرس في بلد أجنبية بعيدة، وفي يوم من الأيام عاد هذا الابن لكي يقضي أجازته مع والده في مدينتهم، وعندما عاد الولد وجلس مع والده أراد الأب أن يتباهى بأمواله وثرائه هذا أمام ولده، إلا أن الولد لم يظهر أي اهتمام لا بالثراء والأموال ولا بالحياة الفارهة، مما أدى إلى غضب الأب، وقرر أن يظهر لولده أهمية الثراء والأموال، وأخذ ابنه وتجول به في المدينة لكي يريه معاناة الفقراء، وأثناء تجول الأب وابنه في المدينة شاهدوا الفقراء وحياتهم الصعبة القاسية معا، فسأل الأب ابنه بعد أن عادوا لمنزلهم الثمين، هل استمتعت بالرحلة يا بني، هل قدرت قيمة الثراء والثروة التي نمتلكها ؟

سكت الابن برهة ظن فيها الأب أنه وأخيرا قد اقتنع بقيمة المال والثراء والحياة الفارهة وأصبح يقدرهم، إلا أن الابن بدأ في التحدث إلى والده قائلا : ” نحن نمتلك كلبين فقط في حديقة المنزل، بينما هم يمتلكون عشرات الكلاب، ونحن نمتلك مسبح صغير خلف منزلنا، إنما هم يمتلكون شاطئ كبير مفتوح ليس له نهاية، ونحن نمتلك منزل له جدران على أرض صغيرة محددة بالأسوار، إنما هم يمتلكون بيوت رحبة تحيط بها الأراضي الواسعة من كل مكان، نحن دائما ما نحتاج إلى الحرس والأسوار العالية، كي يقوموا بحمايتنا وحماية ممتلكاتنا، أما هم فيتعاونون مع بعضهم البعض ويحمون بعضهم البعض، وأخيراً يا أبي، نحن نحتاج لأن نشتري منهم الطعام، أما هم فيصنعون طعامهم بأنفسهم، يا أبي إنهم هم الأغنياء ونحن الفقراء، لذا شكراً لأنك أظهرت لي من هم الأغنياء ومن هم الفقراء حقاً .