يعد شهر شعبان هو الشهر الثامن من الشهور الهجرية، ويأتي شهر رجب قبله وبعده شهر رمضان المبارك، ولقد سمى شهر شعبان بذلك الإسم لأن العرب كانوا يتشعبون بهذا الشهر في جميع أنحاء الأرض المختلفة، أي أنهم ينتشروا في جميع المناطق بحثًا عن الماء، ولقد قيل أيضًا أنهم كانوا يتشعبون في الغارات المختلفة.
وفي نطاق ذلك لقد قال ابن حجر أنه سمى بهذا الإسم لأن ” شهر شعبان ينشغل المسلمين في طلب المياه أو الغارات بعد أن يخرج شهر رجب الحرام”، كما قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم على أن السبب وراء تسميته بشهر شعبان أن المسلمين الصائمين به يتشعب لهم خير كثير يساعدهم هذا الخير على الدخول للجنة، وسوف نتعرف من خلال هذا المقال على فضل شهر شعبان ابن باز.
فضل شهر شعبان ابن باز
من الجدير ذكره أن هناك بعض الأزمنة والشهور التي ميزها الله عز وجل عن باقي الشهور ومن هذه الشهور هى شهر رمضان المبارك وكذلك العشر الأواخر منه وليلة القدر، وأكد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على ذلك في حديث له قائلاً ” مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”، ومن الأيام أيضًا التي أكد الله عزوجل على فضلها هى العشر الأوائل من شهر ذي الحجة وذلك نظرًا لقول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ” ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه” والمقصود هنا هى الأيام العشر، كما أنه من أفضل الأزمنة وأعظمها عند الله هو شهر شعبان، ويتضح فضل هذا الشهر في مايلي بالتفصيل:
1- لقد كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يكثر الصيام في شهر شعبان، فلقد قالت عائشة رضى الله عنها أن الرسول كان يكثر الصيام بهذا الشهر فقالت ” وما رَأَيْتُهُ أكْثَرَ صِيَامًا منه في شَعْبَانَ “
2- ترفع الأعمال لله في هذا الشهر، فأعمال العباد ترفع لربهم في كل من يوم الإثنين ويوم الخميس من كل أسبوع، كما ترفع أيضًا في شهر شعبان من كل سنة، ولعل ذلك هو السبب الذي جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر الصيام به، وذلك لأن ” ذاك شهرٌ يغفَلُ النَّاسُ عنه بين رجبَ ورمضانَ وهو شهرٌ تُرفعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين وأُحِبُّ أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ”، فالرسول كان يرغب في أن ترفع جميع أعماله لله عز وجل وهو صائم فالصوم يعلم العباد الصبر ويرزقهم الله بكريم عطاؤه ورحمته.
3- يوجد بشهر شعبان ليلة عظيمة وهى ليلة النصف من شهر شعبان وذلك حينما قال ” يطَّلِعُ اللهُ إلى خَلقِه في ليلةِ النِّصفِ مِن شعبانَ فيغفِرُ لجميعِ خَلْقِه إلَّا لِمُشركٍ أو مُشاحِنٍ” ومن مظاهر الشرك بالله عز وجل والتي تحرم من يقوم بها من المغفرة هى الذبح لغير الله عز وجل وكذلك الدعاء لغيره وسؤاله، أو زيارة قبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وطلب منه قضاء الحاجات، أو أن يتم قراءة المولد عند قبر السيد الحسين أو عند السيدة زينب أو ابن العربي أو الشيخ الشعراوي وغيرهم من الأئمة.
4- هناك بعض البدع التي تحدث بشهر شعبان وذلك إستنادًا للكثير من الأحاديث ومن هذه البدع هى القيام بصلاة ست ركعات بليلة النصف من شهر شعبان وذلك بغرض دفع جميع المصائب وطول العمر وقراءة سورة يس، كما تعد صلاة الرغائب بكل من شهر رجب وشهر شعبان من المحرمات والتي يجب التوقف عن القيام بها.
5- هناك إعتقاد خاطيء يعتقده بعض الأشخاص وهى أن ليلة النصف من شعبان تعتبر هى ليلة القدر، ففي الحقيقة يعد هذا الإعتقاد باطل تمامًا وذلك يتضح من قول الله عز وجل “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ”، كما قال أيضًا عز وجل في كتابه العزيز ” إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ”، وبالتالي يتضح من ذلك أن ليلة القدر تكون بشهر رمضان، ولاتكون في شهر شعبان.
أهم الأحداث التي دارت بشهر شعبان
يعتبر شهر شعبان من أفضل الأوقات والشهور عند الله عز وجل حيث وقعت به الكثير من الأحداث العظيمة، ففي هذا الشهر كانت أول ولادة وكذلك أول وفاة عقب الهجرة النبوية، حيث ولد به عبد الله بن الزبير رضى الله عنه، وكان به أيضًا أول مولود للمسلمين عقب الهجرة، كما أنه بهذا الشهر الكريم استولى الصليبين على بيت المقدس في الثالث والعشرين من شهر شعبان لعام أربعمئة واثنان وتسعون للهجرة، كما قام الصليبين بقتل سبعين ألف من المسلمين في يوم واحد.
وفي خلال شهر شعبان أيضًا تم به تحرير مدينة حمص من يد الصليبين، حيث قام صلاح الدين الأيوبي بتحرير هذه المدينة بالواحد والعشرين لعام 559 هجريًا، وبذلك تمكن من أن يسيطر على معظم أنحاء وأجزاء بلاد الشام كلها، ولقد دارت به معركة الأرك والتي يطلق عليها اسم كارثة الأرك وحدثت في التاسع من شهر شعبان لعام 591 هجريًا، حيث وقعت المعركة بين كل من قوات الموحدين بقيادة أبو يوسف يعقوب المنصور وبين قوات مملكة قشتالة النصرانية.