شرع الله تعالى بعض العبادات الأساسية التي لو أهملها المسلم حاسب عليها بالذنب، وبعض العبادات الأخرى التي لا تعتبر فرض، ولكنها سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن قام بها كان له عظيم الأجر والثواب، ومن هذه العبادات الصيام في شهر شعبان لما له من فضل عظيم كما سوف نوضح لكم.

صيام التطوع

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العالمين في حديثه الشريف، أن الله تعالى أخبر وقال له ((وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه)).

فلكما حاول المسلم التقرب من الله تعالى بالنوافل والسنن بجانب العبادة الأساسية كان ذلك خير له في دنياه وفي آخرته.

فضل صيام شهر شعبان

لقد طلب الرسول عليه الصلاة والسلام من أمته الإكثار من الصيام في شهر شعبان، حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم شهر شعبان كله، وقد قالت ذلك السيدة عائشة رضي الله عنها حيث قالت: لم يكنِ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يصومُ شهراً أكثرَ من شَعبانَ، فإنه كان يصومُ شعبانَ كلَّه) وفي رواية أخرى (لم أرَه صائماً من شهرٍ قطُّ أكثرَ من صيامِه من شعبانَ، كان يصومُ شعبانَ كلَّه، كان يصومُ شعبانَ إلا قليلاً)).

أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن شهر شعبان شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى، لهذا كان يحب أن يصوم معظم هذا الشهر، حتى ترفع أعماله وهو صائم، لما في شهر شعبان من فضل كبير عن غيره من الشهور.

عندما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبب صيامه لشهر شعبان قال ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ)).

قد ذكر ابن القيم رحمه الله الأسباب التي كانت تجعل الرسول صلى الله عليه وسلم كان حريص على الصيام في شهر شعبان ومنها:

– السبب الأول أن ربما كان الرسول يصوم كل شهر بعض الأيام حوالي ثلاثة أيام، فربما ما فاته من الشهور الماضية أراد أن يعوضه بصيام شهر شعبان قبل دخول شهر رمضان.

– السبب الثاني أن في هذا الشهر ترفع الأعمال إلى الله كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يريد أن ترفع أعماله وهو صائم.

– السبب الثالث أن الآتيان بسنة من سنن الرسول قبل دخول شهر رمضان، هو تعظيم الى شهر رمضان، مثلما يفعل الإنسان عندما يصلي سنة قبل صلاة الفرض.

أخبرنا ابن رجب أن الحكمة من الإكثار من الصيام في شهر شعبان لغرض تعويد المعدة على الصيام قبل دخول شهر رمضان.

النهي عن الصيام شهر شعبان بعد انتصافه

ورد في السنة النبوية أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن الصيام في النصف الثاني من شهر شعبان حيث قال (إذا انتصف شعبانُ، فلا تصوموا حتى يكونُ رمضانُ)).

هذا النهي ربما يكون من كان غير معتاد على صيام التطوع، حتى لا تطول عليه المدة عند على الصائم مع دخول رمضان مع النصف الأخير من شعبان.

أما من كان معتاد على صيام التطوع، ولا حرج له في الصيام، أو من كان عليه نذر أو أيام قضاء ويصومها في النصف الأخير من شعبان قبل دخول رمضان فلا حرج في ذلك.

فضل صيام التطوع

صيام التطوع سواء كان في شهر شعبان أو في غيره من الشهور له فضل عظيم وذلك لعدة أسباب منها:

-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلُّ عملِ ابنِ آدمَ لهُ إلّا الصيامَ، فإنَّه لي وأنا أُجْزي بهِ)).

– أخبرنا الرسول أن الصيام لله تعالى هو وقاية للإنسان من عذاب النار، وعذاب يوم القيامة.

– أخبرنا الرسول أن الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة.

– حدد الله تعالى باب للصائمين يوم القيامة يدخلون منه، يسمى باب الريان، وقال النبي في ذلك في الحديث الشريف ((إنَّ في الجنَّةِ بابًا يُقالُ له: الرَّيَّانُ، يَدخُلُ مِنه الصَّائمونَ يومَ القيامَةِ، لا يَدخُلُ مِنه أَحدٌ غيرُهُم، يُقالُ: أينَ الصَّائمونَ؟ فيَقومونَ لا يَدخُلُ مِنه أَحدٌ غيرُهُم)).