القرآن الكريم كتاب الله المنزل على عبده ورسوله محمد صلّ الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته والمعجز بآياته

سورة الفلق

سورة الفلق إحدى سور القرآن الكريم المعجزة بلفظها ومعناها ، نزلت بعد سورة الفيل وهي مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر ومدنية في قول ابن عباس وهذا الصحيح كلها محكمة وليس فيها ناسخ ومنسوخ ، تقع سورة الفلق في الجزء الثلاثين وعدد آياتها خمس آيات ، سميت بسورة الفلق لذكر الفلق في السورة ، واسم السورة توقيفي سماها النبي صلّ الله عليه وسلم وقد ثبتت جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار .

فقد ذكر الطبري رحمه الله بأن لسور القرآن الكريم أسماء سماها بها رسول الله صلّ الله عليه وسلم والمتبع لهذه الأسماء يجد أنها تدور حول كلمة أو اسم بارز في السورة وسورة الفلق من آيات المفصل وهو أواخر القرآن الكريم سمي بالفصل لكثرة الفصل بين سورة بالبسملة وقيل : لقلة المنسوخ فيه .

سبب نزول سورة الفلق

ورد في نزول هذه الآية الكريمة ما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلّ الله عليه وسلم فأتت إليه اليهود ، ولم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلّ الله عليه وسلم وعدة أسنان مشطه فأعطاها اليهود فحسروه فيها ، وكان الذي تولى ذلك لبيد بن الأعصم اليهودي ثم دسها في بئر لبني زريق يقال لها ذروان ، فمرض رسول الله صلّ الله عليه وسلم وانتثر شعر رأسه ولبث ستة أشهر ، يرى أنه لا يأتي النساء ولايأتيهن وجعل يذوب ولا يدري ما عراه .

فبينما هو نائم ذات يوم إذ أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والأخر عند رجليه ، فقال الذي عند رأسه : ما بال الرجل ؟ قال طب قال وما بال الطب ، قال سحر  قال : ومن سحره ؟ قال لبيد بن الأعصم اليهودي قال وبم طبه ؟ قال : بمشط ومشاطة ، قال : وأين هو قال : في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذروان  ، والجف قشر الطلع والراعوفة : حجر في أسفل البئر يقوم عليه المائح .

فانتبه رسول الله صلّ الله عليه وسلم فقال يا عائشة أما شعرت أن الله أخبرني بدائي ، ثم بعث عليًا والزبير وعمار بن ياسر فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحناء ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف ، فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان مشطه وإذا فيه وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر ، فأنزل الله تعالى المعوذتين .

فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد رسول الله صلّ الله عليه وسلم خفة حتى انحلت العقدة الأخيرة ، فقام كأنما نشط من عقال وجعل جبريل عليه السلام يقول : بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من حاسد وعين ، الله يشفيك  ، فقالوا يا رسول الله أو لا نأخذ الخبيث فنقتله فقال أما أنا فقد شفاني الله وأكره أن أثير على الناس شرًا .

فضل سورة الفلق

سورة الفلق لم ير مثلها كما عبر عنها النبي صلّ الله عليه وسلم وعن اختها سورة الناس وقوله لم ير مثلها يعني في التحصين والوقاية فهي آيات تذكر الداء وتضع الدواء وكان النبي صلّ الله عليه وسلم يوليها عناية خاصة فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلّ الله عليه وسلم أنه قال أنزل على آيات لم ير أو لم تر مثلهن يعني المعوذتين .

وروي الإمام مالك رضي الله عنه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلّ الله عليه وسلم إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتد وجعه كنت أقر عليه وأمسح بيده رجاء بركتها وقالت أيضًا كان النبي صلّ الله إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما : قل هو الله أحد والمعوذات ثم يسمح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده .

عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلّ الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما .

البيان في السورة

للعلماء وقفة طويلة في الموازنة بين سورتي الفلق والناس :

كلمة قل أعوذ برب الفلق استعاذ برب الفلق فانفلاق ضوء من ماذا من شر ما خلق بصورة عامة ، من شر غاسق  من شر النفاثات في العقد من شر حاسد إذا حسد هذه الشرور جميعًا تمس الإنسان في ظاهره في جسمه في الظاهر ولا تمس إيمانه أو اعتقاده فكانت الاستعاذة بلفظ واحد من هذه الشرور المتعددة التي هي تتعلق بالشيء الظاهري بظاهرة الإنسان وليس بعقيدته أو بباطنه أو بإيمانه .