اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فالسجود لحظات روحانية لاتصال العبد بخالقه، فالخشوع في الصلاة وتوجه العبد بقلبه لله بإخلاص، وان لا يفكر في امور الدنيا ولا يشعر الا بوجود الخالق يراه ويسمعه، فيلجأ إليه في كل الامور، والنبي صل الله عليه وسلم وجد راحته في الصلاة والسجود، فكان يصلي ويطيل في السجود ، ويقوم بالدعاء بفيه حتى يأتيه الفرج، فيجب علينا جميعا الصلاة بخشوع وان نطيل في السجود للشعور بالقرب الى الله.
عدد السجدات في القرآن الكريم
ذكر القرآن خمسة عشر سجدة، حيث انه يتم السجود عند قراءة احد الآيات التي تأمر بالسجود فعن عمرو بن العاص: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أقرأَهُ خمسَ عشرةَ سجدةً في القرآنِ العظيمِ مِنْهَا ثلاثةٌ في المُفَصَّلِ)، والآيات التي ذكر فيها السجود هي:
1ـ قوله تعالى: (إنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ).
2ـ قوله تعالى: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ).
3ـ قوله تعالى: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ).
4ـ قوله تعالى: (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يتلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا).
5ـ قوله تعالى: (إِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا).
6ـ قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ).
7ـ قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
8ـ قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا).
9ـ قوله تعالى: (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ).
10ـ قوله تعالى: (إنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ).
11ـ قوله تعالى: (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ).
12ـ قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ).
13ـ قوله تعالى: (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا).
14ـ قوله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ).
15ـ قوله تعالى: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب).
مشروعية سجود التلاوة
سجود التلاوة مستحب، لمن قرأ او سمع آية سجدة، وهو لا يعتبر واجبا، فلا اثم على تاركه سواء كان اماما او منفردا، وهو يجوز ان نقوم به في اوقات النهي، وذلك لأنه سجود التلاوة لا يكون له نفس احكام الصلاة العادية، ولكن نجد بعض العلماء قالوا بوجوبه، ولكن الاصح انه مهم كما امرنا النبي صل الله عليه وسلم.
آراء العلماء في عدد سجدات التلاوة
حيث نجد العلماء قد اختلفوا على عدد سجدات التلاوة فمنهم من قال انها خمسة عشر سجدة، ومنهم من قال انها اربعة عشر سجدة، ومنهم من قال انها احدي عشرة سجدة، وفيما يلي بيان رأي كل مجموعة مع ادلتها:
ـ ان من قال انها خمسة عشر فذكر فيها سجدة سورة ( ص )وذلك قول الامام احمد في قوله الآخر، وكذلك قول اسحاق وعقبة بن عامر، واستدلوا في ذلك اه روي عن عمرو بن العاص، ( ان النبي صل الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القران منها ثلاثة عشرة فب المفصل وفي سور الحج سجدتان ).
ـ وان قول انها اربعة عشر سجدة وهو القول المشهور فقد قال به الشافعي وابي حنيفة في احد قوليهما، وهو قول ابن مسعود وابي هريرة وابن عمر وعمر بن عبد العزيز وكذلك قوبل جماعة من التابعين، حيث قالوا ان في المفصل ثلاث سجدات.
ـ اما من قال انها احدى عشر سجدة وهو مالك في رواية والشافعي في قوله الآخر حيث انه ورد عنهم ان ( عزائم السجود احدى عشرة سجدة ليس منها شيء من المفصل )، وهو كذلك رأي ابن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب، والحسن وعكرمة ومجاهد، وجبير وعطاء وطاووس ومالك في احد قوليه، وكذلك طائفة من اهل المدينة، وانهم استدلوا على رأيهم بحديث منكر منسوب لعبد الله بن عباس قوله( ان النبي صل الله عليه وسلم لم يسجد فيشيء من المفصل منذ تحول الى المدينة ).
فضل سجود التلاوة من السنة النبوية
نجد ان السنة النبوية ذكرت فضل سجود التلاوة وذلك في عدة مواضع، ومنها:
قال النبي صل الله عليسه وسلم (إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ يَا وَيْلِي أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ، حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَعَصَيْتُ فَلِيَ النَّارُ).