أهمية احترام المسنين، نحاول في هذا المقال المتواضع توضيح مدى احترام الدين الإسلامي للمسنين، ويتبين لنا هذا من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والقصص الرائعة للعديد من الصحابة والتابعين، كما يتبين لنا علاقة هذه الفئة كبيرة السن بالمجتمع الذي يحيون بداخله، وسوف نوضح بالتفصيل هذا الأمر فيما يلي.
أهمية احترام الآباء عند الكبر
يقول المولى عز وجل في القرآن الكريم ” ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير “، نرى في هذه الآية أهمية رعاية المسنين مقابل ما فعلوا معنا في الصغر، فهم من حملوا الهموم والأعباء والصبر في سبيل تربيتنا وتعليمنا، ولا يتسنى لنا تركهم أو إغفال حقوقهم عند الكبر، وعلينا الصبر عليهم والتعامل معهم بالرفق واللين.
قال تعالى “وقضى ربك أل تعبدوا إلا إياه وبالوالدين أحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا، ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا، وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا نبذر تبذيرا،”.
حث رسول الله على احترام الكبير
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يتمنى أحدكم الموت، ولا يدعو به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً”، يوضح سيدنا محمد فضل السن الكبير فيقول الخير والبركة في الأكابر، لأن المولى عز وجل ما منح أحداً العمر الطويل إلا لخير، علاوة أن المسن المؤمن حقاً له المكانة الخاصة عند خالقه، فهو الشفيع لأهل بيته والذي يتجاوز الله عن سيئاته.
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (الخير مع أكابركم)، وفي رواية: (البركة مع أكابركم)، وعن أنس رضي الله عنه، قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أنبئكم بخياركم؟، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: خياركم أطولكم أعماراً إذا سددوا)، كما روى أبو هريرة رضي الله عنه، أن رسول اله صلى الله عليه وسلم قال: (خياركم أطولكم أعماراً وأحسنكم أعمالاً).
عن أبي أمامة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا يستخف بهم إلا منافق، ذو الشيبة في الإسلام، ذو العلم، إمام مقسط)، ويتضح من هذا الحديث مكانة المسن في الإسلام حيث نجده في نفس المكانة مع العالم الذي يفيد مجتمعه، ومع الإمام الصالح الذي يعمل على توعية وتعليم المسلمين شئون دينهم، ومن هذا المنطلق يتبين أن الإسلام ينهي عن الاستخفاف بالكبير حتى لو بالنظر أو قول يمثل سخرية أو عدم الوقوف عن مرور كبير السن وعند دخوله المجلس، أو إساءة الأدب في الحوار معه.
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أنس: وقر الكبير وارحم الصغير ترافقني في الجنة)، وعن عباس رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس منا من لم يوقر الكبير، ويرحم الصغير، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر)، فكبير السن له المكانة المرموقة والمتميزة داخل المجتمع حيث يحترمه الجميع ويوقرونه تلبية لأوامر رسول الله.
علاقة المسنين بالمجتمع الذي يعيشون فيه
الإسلام من الأديان السماوية التي تحث على تقديم الكبير في كل الأمور فله الكلمة الأولى في المجالس وله الطلب والأمر والنهي والبدء بالطعام، وكبير السن هو الإمام بالصلاة ولا يتقدم غيره لهذا الأمر، ويتقدم كبار السن بالصف الأول بصلاة الجماعة لأنهم كبار في السن والمنزلة ورجاحة العقل وأصحاب الحكمة، وغالباً ما يكونوا أصحاب المكانة العلمية والثقافية، وفي هذا روى عن أبي مسعود رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح منا كبنا في الصلاة ويقول: استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليلني منكم أولو الأحلام والنهي، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، قال أبو مسعود: فأنتم اليوم أشد اختلافا).
سئل سيدنا العباس بن عبد المطلب وهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يكبر نبي الله في العمر، أيكما أكبر أنت أم رسول الله؟، قال: هو أكبر مني وأنا ولدت بعده، وهو ما يدل على احترام السائل لكبير السن واحترام العباس لرسول الله بالرغم من أنه أصغر منه سناً.
قيل أن سليمان بن عبد الملك دخل مرة المسجد، فوجد بالمسد رجل مسن، فسلم عليه وقال: يا فلان، تحب أن تموت، قال: لا، ولم؟ قال: ذهب الشباب وشره وجاء الكبر وخيره، فأنا إذا قمت قلت بسم الله، وإذا قعدت قلت: الحمد لله، فأنا أحب أن يبقى لي هذا، توضح القصة حب كبير السن لسنه وتمسكه بالحياة من اجل فعل الخير والتقرب إلى الله بالطاعات.