قال تعالى في سورة الكهف في الآية الحادية عشر (فَضَرَبْنَا على آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا)، وفيما يلي تفسير الآية الكريم.
تفسير قوله تعالى ” فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا “
تفسير القرطبي
فسر القرطبي قوله تعالى (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا)، حيث ألقى الله النوم على أصحاب الكهف وقد قال الزجاج في هذه الآية : أي منعناهم عن أن يسمعوا، لأن النائم إذا سمع انتبه، وقيل عن ابن عباس : ضربنا على آذانهم بالنوم، أي سددنا آذانهم عن نفوذ الأصوات إليها، وقيل : المعنى فضربنا على آذانهم أي فاستجبنا دعاءهم ، وصرفنا عنهم شر قومهم وأنمناهم .
وقد قال قطرب : هذا كقول العرب ضرب الأمير على يد الرعية إذا منعهم الفساد ، وضرب السيد على يد عبده المأذون له في التجارة إذا منعه من التصرف، قال الأسود بن يعفر وكان ضريرا : ومن الحوادث لا أبا لك أنني ضربت علي الأرض بالأسداد
وأما تخصيص الآذان بالذكر فلأنها الجارحة التي منها عظم فساد النوم، وقلما ينقطع نوم نائم إلا من جهة أذنه، ولا يستحكم نوم إلا من تعطل السمع، ومن ذكر الأذن في النوم قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ذاك رجل بال الشيطان في أذنه خرجه الصحيح، وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى رجل طويل النوم لا يقوم الليل .
وقال أبو عبيدة في قوله تعالى (سنين عددا) : عددا نصب على المصدر، وقال قوم : بين الله عدد تلك السنين من بعد فقال : ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا .
وقد فسر قوله تعالي (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أحصى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا)، أي ثم بعثناهم أي من بعد نومهم ويقال لمن أحيي أو أقيم من نومه مبعوث، لأنه كان ممنوعا من الانبعاث والتصرف، وقد وقرأ الزهري ” ليعلم ” بالياء، والحزبان الفريقان ، والظاهر من الآية أن الحزب الواحد هم الفتية إذ ظنوا لبثهم قليلا .
وقد اختلف المفسرين في مدة أصحاب الكهف حيث قيل ما لم يرتبط بألفاظ الآية، وقد قال الفراء : نصب على التمييز، وقال الزجاج : نصب على الظرف، أي الحزبين أحصى للبثهم في الأمد، والأمد الغاية، وقيل عن مجاهد : أمدا معناه عددا، وقال الطبري : أمدا منصوب ب لبثوا .
قال ابن عطية : وهذا غير متجه، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في صفة حوضه : ماؤه أبيض من اللبن، وقال عمر بن الخطاب : فهو لما سواها أضيع .
تفسير الطبري
فسر الطبري قوله تعالى (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا)، أي ألقي الله على أهل الكهف النوم، وهناك من يقول ضربك الله بالفالج ويعني ابتلاه الله به وأرسله عليه، وفسر قوله تعالى : (سِنِينَ عَدَدًا) أي سنين معدودة، ونصب العدد بقوله تعالى (فَضَرَبْنَا).
وقد فسر قوله تعالي (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أحصى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا)، وقيل عن مجاهد في قوله تعالى (أَيُّ الْحِزْبَيْنِ) : من قوم الفتية، وقال أيضا : بنحوه.
وقيل عن قتادة في قوله تعالى ( ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا ) : ما كان لواحد من الفريقين علم، لا لكفارهم ولا لمؤمنيهم، وقيل عن ابن عباس في قوله تعالى ( لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ) : بعيدا، وقد قيل عن مجاهد في قوله تعالى (أمَدًا) : عددا.
تفسير السعدي
فسر السعدي قوله تعالى (فَضَرَبْنَا على آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا)، أي أنمناهم الله تعالى وفسر “سِنِينَ عَدَدًا” أنها ثلاث مائة سنة وتسع سنين، وفي النوم المذكور تم حفظ قلوبهم من الاضطراب والخوف، وحفظ لهم من قومهم وليكون لهم آية .
فسر السعدي قوله تعالى (ثمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أحصى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا)، أي بعد أن ناموا علم أيهم أحصى لمقدار مدتهم، وفي العلم بمقدار لبثهم، ومعرفة لكمال قدرة الله.