قال تعالى في سورة هود في الآية الثامنة (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)، فيما يلى تفسير الآية الكريمة .
تفسير قول الله ” وما من دابة في الارض الا وعلى الله رزقها ” :
– تفسير الطبري : فسر الطبري قوله تعالى ” وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ “، حيث قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله: ( وما من دابّة في الأرض إلا على الله رزقها )، وما تدبّ دابّة في الأرض .
وفسر قوله تعالى ” الدابّة ” أي الفاعلة وهو كل من دبّ، وأن كل ما يدب على الارض فإن الله يصل إليه رزقه، ويتكفل به اينما كان، وقال مجاهد في قوله : ” وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ” : ما جاءها من رزقٍ فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعًا، ولكن ما كان من رزقٍ فمن الله، وقيل عن ابن عباس في قوله تعالى” وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ” : كل دابة
قال الضحاك في قوله: ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) يعني كلّ دابة، والناسُ منهم، وقيل عن ابن عباس في قوله تعالى ( ويعلم مستقرها ) : حيث تأوى ، ( ومستودعها ) ، يقول: إذا ماتت، وقال أيضا : ” المستقر “، حيث تأوي ، و ” المستودع “، حيث تموت.
وهناك من قال : ( مستقرّها ) في الرحم ، (ومستودعها ) في الصلب، حيث قيل عن مجاهد في قوله تعالى (ويعلم مستقرها) : في الرحم ، ( ومستودعها ) في الصلب، مثل التي في ” الأنعام “، وقيل عن ابن عباس في نفس الآية : فالمستقر ما كان في الرحم، والمستودع ما كان في الصلب، وقال الضحاك في قوله ( ويعلم مستقرها) : في الرحم ، (ومستودعها) ، في الصلب.
وهناك من قال أن ” المستقر ” في الرحم ، بينما ” المستودع ” حيث تموت، وقد ذكر في ذلك حيث قال عبد الله في قوله تعالى ( ويعلم مستقرها ومستودعها ) : قال: ” مستقرها ” الأرحام ، و ” مستودعها ” الأرض التي تموت فيها.
وهناك من قال أن ( مستقرها ) هو أيام حياتها، (ومستودعها ) حيث تموت فيه، وقد قيل عن الربيع بن أنس في قوله تعالى ( ويعلم مستقرها ومستودعها ) : (مستقرها) أيام حياتها، و(مستودعها) حيث تموت، ومن حيث تبعث.
قال أبو جعفر في الآية الكريمة : وإنما اخترنا القول الذي اخترناه فيه، لأن الله جل ثناؤه أخبر أن ما رزقت الدواب من رزق فمنه، فأولى أن يتبع ذلك أن يعلم مثواها ومستقرها دون الخبر عن علمه بما تضمنته الأصلاب والأرحام.
ويعني بقوله تعالى : (كل في كتاب مبين)، أن كل دابة على سطح الارض مهما كان عددهم سوف يصلهم رزقهم، ومعروف وقت لبوسها في المستقر أو الرحم، ومدة لبثها في المستودع وحتى تموت ومكان موتها، حيث أن كل ذلك مسجل في كتاب مبين عند الله سبحانه وتعالى مثبت وهو مكتوب قبل أن يخلق الله الدابة أو يوجدها.
وتظهر الآية الكريمة قدرة الله تعالى في علم كل الأشياء، وأنه لا يختفي عليه أمر في الارض أو في السماء، وأنه تعالى قد أثبت كل الذي سيحدث في كتاب مبين قبل عملية الخلق، و يقول لهم الله تعالى : فمن كان قد علم ذلك منهم قبل أن يوجدهم، فكيف يخفى عليه ما تنطوي عليه نفوسهم إذا ثنوا به صدورهم ، واستغشوا عليه ثيابهم.