قال تعالى في الآية الخامسة والعشرون من سورة النساء (فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ)، وسنتعرف في هذا المقال عن تفسير الآية الكريمة.

تفسير قول الله تعالى محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان:
– تفسير بن كثير: فسر ابن كثير قوله تعالى (فانكحوهن بإذن أهلهن)، وهذا يعني أنه يجب أن على المرأة أن تتزوج بولي أو وكيل وبموافقة أهلها، كما يجب أن يوافق السيد على زواج عبيده وأن لا يتزوج العبد أو الامة إلا بموافقته، وقد جاء في أحد الأحاديث (أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر).

وقوله تعالى: (وآتوهن أجورهن بالمعروف) وتعني أن يقوموا بدفع المهر المتفق عليه عن طيب خاطر والاتفاق بين الطرفين، ولا تبخلوا عليهن ولا تستهينوا بهن.

وفسر قوله تعالى: (محصنات) وهي تعني النساء العفيفات الطاهرات التي لم قربن الزنا، وفسر قوله ( غير مسافحات ) بالنساء التي يجهرن بالفواحش، ونهى  الله تعالى عن الزواج من النساء اللاتي لا يخجلن من اعلان عصيانهن، والنساء الباغيات.

وقوله ( ولا متخذات أخدان )، وهي تعني النساء المتخذات أصدقاء من الرجال وأخلاء، حيث قال ابن عباس : (المسافحات هن الزواني المعالنات، يعني الزواني اللاتي لا يمنعن أحدا أرادهن بالفاحشة، و( ومتخذات أخدان ) يعني : أخلاء.

وقد قال الحسن البصري عن (أخذان)، يعني : الصديق، وقال الضحاك : ( ولا متخذات أخدان ) ذات الخليل الواحد [ المسيس ] المقرة به)، وقال ابن زيد في هذه الآية: (“المسافح ” الذي يلقى المرأة فيفجر بها ثم يذهب وتذهب، و” المخادن ” الذي يقيم معها على معصية الله وتقيم معه، فذاك ” الأخدان “).

– تفسير الطبري: فسر الطبري قوله تعالى (َانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، تعني تزوجوهن بولي وموافقة الاهل وأن يعطوا لهن الصداق بالتراضي، وقد قال أبو جعفر: (يعني بقوله جل ثناؤه: ” فانكحوهن “، فتزوجوهن وبقوله: ” بإذن أهلهن “، بإذن أربابهن وأمرهم إيّاكم بنكاحهن ورضاهم ويعني بقوله: ” وآتوهن أجورهن “، وأعطوهن مهورهن)، وقد قال ابن زيد: (” وآتوهن أجورهن “ قال: الصداق).

فسر الطبري قوله تعالى ( محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان )، أن المحصنات هن العفيفات وذلك كما قال أبو جعفر : ( محصنات ” عفيفات ” غير مسافحات ” غير مزانيات “، ولا متخذات أخدان ” ولا متخذات أصدقاء على السفاح).

حيث كانت النساء الباغيات في الجاهلية كانوا يقمن بإعلان أنهن زانيات، كما كانوا يتخذن أصحاب واصدقاء وأخلاء من الرجال، ويعلن ذلك دون خجل، وقد قال ابن عباس: (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان ، يعني : تنكحوهن عفائف غير زواني في سر ولا علانية ولا متخذات أخدان ، يعني : أخلاء) .

وعن ابن عباس قال: (غير مسافحات المسافحات المعلنات بالزنا ولا متخذات أخدان ، ذات الخليل الواحد، كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ، ويستحلون ما خفي ، يقولون : ” أما ما ظهر منه فهو لؤم ، وأما ما خفي فلا بأس بذلك “، فأنزل الله تبارك وتعالى ( ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ).

وقال عامر: الزنا زناءان : تزني بالخدن ولا تزني بغيره، وتكون المرأة سوما ، ثم قرأ  قوله تعالى (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان)، وقد قيل عن السدي: (أما ” المحصنات ” فالعفائف ، فلتنكح الأمة بإذن أهلها محصنة – و ” المحصنات ” العفائف – غير مسافحة ، و ” المسافحة ” المعلنة بالزنا – ولا متخذة صديقا).

وقال قتادة: (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان ” ” المسافحة ” : البغي التي تؤاجر نفسها من عرض لها، و” ذات الخدن ” : ذات الخليل الواحد . فنهاهم الله عن نكاحهما جميعا)، وقد قال الضحاك بن مزاحم في قوله تعالى: “محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان”، أما “المحصنات ” فهن الحرائر، يقول: تزوج حرة، وأما ” المسافحات ” فهن المعالنات بغير مهر، وأما ” متخذات أخدان ” فذات الخليل الواحد المستسرة به، نهى الله عن ذلك).

الوسوم
تفسير الايات