من القصص الشهيرة في تاريخنا الاسلامي هي قصة الصحابي الجليل ربعي بن عامر مع رستم قائد الفرس، و الكلمات التي قالها له حينما حاول قائد الفرس ان يرهب المسلمين.
من هو ربعي بن عامر؟
ربعي بن عامر هو احد صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم، و اسمه الكامل هو ربعي بن عامر بن خالد بن عمرو الأسيدي العمروي التميمي، و كانت امه من كبار اهل قريش و ساداتها، و قد أسلم في عهد رسول الله، و كان من الجيش الذي شارك في فتح مدينة دمشق، و شارك في غزوة نهاوند، و شارك في معركة القادسية، و كانت له قصة فيها مع قائد الفرس رستم و قد ذكرها ابن كثير في كتابه البداية و النهاية.
معركة القادسية سنة 14 هجرية
كانت معركة القادسية بالقرب من مدينة القادسية في العراق و قد وقعت في شهر محرم من سنة 14 هجرية، و التي كان يقود جيش المسلمين فيها الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص، و كان جيش المسلمين يتكون من ثلاثين الف مقاتل، و كانوا في مواجهة جيش الفرس المكون من أكثر من مائتي ألف مقاتل، و ثلاثة و ثلاثين فيلا، و قد انتصر المسلمون في معركة القادسية انتصارا كبيرا.
الربعي بن عامر في معركة القادسية
كان الربعي في جيش سعد بن ابي وقاص، و كان الفرس يخشون هذه المعركة كثيرا، حيث هزمهم المسلمون هزيمة ساحقة في معارك سابقة، و هو ما أثار استياء اهل فارس، و كان رستم قائدهم متخوفا من المعركة، و حاول ان يغري المسلمين بالمال و لكنهم لم يستجيبوا، فأرسل رستم قائد الفرس إلى سعد بن ابي وقاص يطلب الحديث معهم، فأرسل له سعد الصحابي الجليل الربعي بن عامر على رأس وفد سعيا للصلح، و قال الربعي لسعد: “إن هؤلاء القوم قوم تباهٍ، و إننا لو فعلنا ذلك يرون أننا قد اعتددنا بهم” ثم أكمل قائلا: “و لكني أرى أن ترسل لهم واحدًا فقط؛ فيشعروا أننا غيرُ مهتمين بهم؛ فيوهن ذلك في قلوبهم”.
و حينما سأل سعد بن ابي وقاص من يذهب للحديث مع الفرس، قال الربعي: “سَرِّحوني”، و ذهب الربعي بن عامر ليقابل رستم، و كان يحمل سلاحه معه، فلما طلب منه الحرس على خيمة رستم أن ينزعه، قال لهم: “لا، أنتم دعوتموني، فإن أردتم أن آتيكم كما أُحِبُّ، و إلا رَجعتُ”، فأذن له رستم أن يدخل و معه سلاحه، فربط لجام فرسه بوسادة من الوسائد الموشاة بالذهب، و جلس على الأرض، و لما تعجب رستم من ذلك، قال له الربعي: “إنا لا نستحب أن نجلس على زينتكم”.
قال الربعي لرستم: “لقد ابتعثنا اللهُ لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، و من جور الأديان إلى عدل الإسلام، و من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا و الآخرة، فمن قَبِلَ ذلك منا قبلنا منه، و إن لم يقبل قبلنا منه الجزية، و إن رفض قاتلناه حتى نظفر بالنصر”.
فقال له رستم قائد الفرس: قد تموتون قبل ذلك، فقال له الربعي بن عامر: وعدنا الله أن الجنة لمن مات منا على ذلك، و أن الظفر لمن بقي منا، فطلب رستم من الصحابي الجليل مهلة يفكر فيها، و تجادل مع الصحابي الربعين بن عامر التميمي على المدة، و أراد ان يمهله الربعي عدة ايام، و لكن الربعي أصر على ثلاثة أيام فقط، و قد أثر حديثه في نفس رستم، فذهب يخاطب قومه قائلا لهم: “أرأيتم من مَنطِقِه؟ أرأيتم من قوته؟ أرأيتم من ثقته؟” و كان رستم يحاول ان يقنع قومه بالصلح مع المسلمين، و لكنهم رفضوا رفضا قاطعا.