محمود سامي البارودي هو شاعر مصري ولد عام 1838 ، كما أنه من أسرة مؤثرة لها علاقة بالحكم ، نشا طموحا وتبوأ مناصب مهمة بعد التحقق من السلك العسكري ؟

وكان قد ثقف نفسه عن طريق الاطلاع على التراث العربي والأدبي بشكل خاص ، أُعجب بالشعراء المُجدين مثل أبي تمام والبحتري والشريف الرضي والمتنبي وغيرهم، وهو رائد مدرسة البعث والإحياء في الشعر العربي الحديث، وأحد زعماء الثورة العرابية. تولى وزارة الحربية ثم رئاسة الوزراء باختيار الثوار له. ولقد لقب برب السيف والقلم

أبيات محمود سامي البارودي يرثي أمه

هـوى كـانَ لــي أنْ ألـبـسَ المـجـدَ معلـمـا .. فـلـمــا مـلـكــتُ الـسـبــقَ عــفــتُ الـتـقـدمــا

وَمَــــنْ عَـــــرفَ الـدُّنْــيَــا رَأَى مَـــــا يَــسُـــرُّه .. مــنَ العـيـشِ هـمـاً يـتـركُ الشـهـدَ علـقـمـا

وَ أيُّ نــعــيـــمٍ فـــــــي حـــيــــاة ٍ وراءهـــــــا .. مَـصَــائِــبُ لَـــــوْ حَــلَّـــتْ بِـنــجْــمٍ لأَظْــلَــمَــ ا

إذا كــــانَ عـقــبــى كـــــلَّ حـــــيًّ مـنــيــة ٌ.. فَسِـيَّـانِ مَـــنْ حَـــلَّ الْـوِهَــادَ، وَمَـــنْ سَـمَــا

وَ مــنْ عـجـبٍ أنــا نــرى الـحـقَّ جـهـرة ٌ.. وَنَــلْــهُـــ و، كَــــأَنَّــــ ا لاَ نُــــحَــــاذِ رُ مَــنْـــدَمَــ ـا

يــــودُّ الـفـتــى فــــي كــــلَّ يــــومٍ لـبــانــة ً.. فـــإنْ نـالـهـا أنــحــى لأخــــرى ، وصـمـمــا

طـمـاعـة ُ نـفــسٍ تــــوردُ الــمــرءَ مـشـرعــاً .. مـــــنَ الــبـــؤسِ لا يـــعـــدوهُ أوْ يـتـحـطـمــا

أَرَى كُــــلَّ حَـــــيٍّ غَــافِـــلاً عَـــــنْ مَـصِــيــرِهِ .. وَلَـــــوْ رَامَ عِــرْفَـــانَ الْـحَـقِـيـقَـ ة ِ لانْـتَــمَــى

فَـأَيْـنَ الأُلَــى شَــادُوا، وَبَــادُوا؟ أَلَــمْ نَـكُــنْ .. نـحــلُّ كـمــا حــلــوا ، وَ نــرحــلُ مـثـلـمـا ؟

مَـضَــوْا، وَعَـفَــتْ آثـارُهُــمْ غَـيْــرَ ذُكْــــرَة ٍ.. تُــشِــيــدُ لَـــنَـــا مِــنْــهُــمْ حَــدِيــثــاً مُــرَجَّــمَــ ا

ســــــلِ الأورقَ الــغــريــدَ فــــــي عــذبــاتــهِ .. أَنَــــــاحَ عَـــلَــــى أَشْــجَــانِــ ـهِ ، أَمْ تَــرَنَّــمَــ ـا ؟

تَـرَجَّــحَ فِـــي مَـهْــدٍ مِـــنَ الأَيْـــكِ ، لا يَـنِــي .. يـــمـــيـــلُ عـــلـــيـــهِ مــــائـــــلاً وَمـــقـــومـــ ا

يـنـوحُ عـلـى َ فـقـدِ الهـديـلِ ، وَلــمْ يـكـنْ .. رآهْ ، فــــيـــــا للهِ ! كـــــيـــــفَ تــهــكـــمـــا ؟

وَشَـتَّـانَ مَـــنْ يَـبْـكِـي عَـلَــى غَـيْــرِ عِـرْفَــة .. جــزافــاً ، وَمــــنْ يـبـكــي لـعـهــدٍ تـجـرمــا

لَـعَـمْـرِي لَـقَــدْ غَـــالَ الــــرَّدَى مَــــنْ أُحِــبُّــهُ .. وَ كـــــانَ بـــــودي أنْ أمـــــوتَ وَ يـسـلـمــا

وَ أيُّ حـــــيــــــاة ٍ بـــــعــــــدَ أمًّ فـــقـــدتـــهـ ــا .. كَـمَــا يـفْـقِـدُ الْـمَــرْءُ الـــزُّلاَلَ عَـلَــى الـظَّـمَـا

تَـوَلَّـتْ، فَـوَلَّــى الـصَّـبْـرُ عَـنِّــي، وَعَـادَنِــي .. غـرامٌ عليـهـا ، شــفَّ جسـمـي ، وأسقـمـا

وَلَــــمْ يَــبْــقَ إِلاَّ ذُكْـــــرَة ٌ تَـبْــعَــثُ الأَســـــى .. وَطَــيْـــفٌ يُـوَافِـيـنــي إِذَا الــطَّـــرْفُ هَــوَّمَـــا

وَ كــانــتْ لـعـيـنـي قـــــرة ً ، وَلـمـهـجـتـي .. سروراً ، فخـابَ الطـرفُ وَ القلـبُ منهمـا

فَــلَـــوْلاَ اعْــتِــقَــاد ِي بِـالْـقَــضَــ اءِ وَحُــكْــمِــه ِ .. لـقـطــعــتُ نــفــســـي لــهــفـــة ً وَ تــنــدمـــا

فــيــا خــبــراً شــــفَّ الــفـــؤادَ ؛ فـأوشــكــتْ .. ســـويــــدَاؤه ُ أنْ تـسـتـحــيــلَ ، فـتـســجــمــا

إِلَــيْـــكَ؛ فَــقَـــدْ ثَــلَّــمْــتَ عَـــرْشـــاً مُـمـنَّــعــاً .. وَفلـلـتَ صمـصـامـاً ، وَ ذلـلــتَ ضيـغـمـا

أشـــادَ بـــهِ الـنـاعـي ، وَ كــنــتُ مـحـاربــاً .. فألـقـيـتُ مـــنْ كـفــى الـحـسـامَ المصـمـمـا

وَطَــــارَتْ بِـقَـلْـبِـي لَــوْعَــة ٌ لَـــــوْ أَطَـعْـتُـهَــ ا .. لأَوْشَــــــكَ رُكْــــــنُ الْــمَــجْـــد ِ أَنْ يَـتَــهَــدَّم َــــــــــــــ ـا

وَلَـكِـنَّــنِ ــي رَاجَـــعْـــتُ حِــلْــمِـــي، لأَنْــثَــنِــ ـي .. عــــنِ الــحــربِ مـحـمــودَ الـلـقــاءِ مـكـرمــا

فَلَـمَّـا اسْـتَـرَدَّ الْجُـنْـدَ صِـبْــغٌ مِـــنَ الـدُّجَــى .. وَعَــــادَ كِــــلاَ الْجَـيْـشَـيْـ نِ يَــرْتَـــادُ مَـجْـثِـمَــا

صَــرَفْـــتُ عِــنَــانِــي رَاجِـــعـــاً، وَمَــدَامِــعِ ــي .. علـى َ الـخـدَّ يفضـحـنَ الضمـيـرَ المكتـمـا

فَـــيَــــا أُمَّــــتَــــ ا؛ زَالَ الْــــعَــــزَ اءُ، وَأَقْــبَـــلَ ـــتْ .. مَـصَــائِــبُ تَــنْــهَــى الْــقَــلْــبَ أَنْ يَـتَـلَــوَّمَ ـــــــــــــــ ــــــــــــــا

وَكُـنْــتُ أَرَى الـصَّـبْـرَ الْـجَـمِـيـلَ مَـثُـوبَــة ً .. فَــــصِــــرْت ُ أَرَاهُ بَــــعْـــــدَ ذَلِـــــــــكَ مَـــأْثَـــمَـ ـــــــــــــــ ـــــــا

وَ كــيــفَ تــلــذُّ الـعـيــشَ نــفــسٌ تــدرعــتْ .. مـــنَ الـحــزنِ ثـوبــاً بـالـدمـوعِ منـمـنـمـا ؟

تــألــمـــتُ فــــقــــدانَ الأحــــبــــة ِ جــــازعــــاً .. وَمـــــنْ شــفـــهُ فــقـــدُ الـحـبــيــبِ تــألــمـــــــ ــــــــا

وَ قــدْ كـنــتُ أخـشــى أنْ أراكِ سقـيـمـة ً.. فكيفَ وَقدْ أصبحتِ في التربِ أعظما ؟

بَلَغْـتِ مَــدَى تِسْعِـيـنَ فِــي خَـيْـرِ نِعْـمَـة ٍ.. وَمــــنْ صــحــبَ الأيـــــامَ دهـــــراً تـهــدمــا

إِذَا زَادَ عُـــمْــــرُ الْـــمَــــرْء ِ قَـــــــلَّ نَـصِــيــبُــه ُ .. مـنَ العيـش وَالنقصـانُ آفــة ُ مــن نـمــــــــــــ ـــــــــا

فــيــا لـيـتـنـا كــنــا تــرابـــاً ، وَ لـــــمْ نــكـــنْ .. خلقنـا ، وَلــمْ نـقـدمْ إلــى الـدهـرِ مقـدمـا

أَبَــــى طَــبْـــعُ هَـــــذَا الــدَّهْـــرِ أَنْ يَـتَـكَـرَّمَـ ـا .. وَكَـيْـفَ يَــدِي مَــنْ كَــانَ بِالْبُـخْـلِ مُغْـرَمَـا؟

أَصَــــــــابَ لَــدَيْـــنَــ ـا غِــــــــرَّة ً؛ فَــأَصَــابَــ نَــا .. وَأَبْــــصَـــ ــرَ فِـــيـــنَـــا ذِلَّـــــــــة ً؛ فَـتَــحَــكَّـ ـمَــا

وَ كـيـفَ يـصـونُ الـدهـرُ مـهـجـة َ عـاقــلٍ .. وَقـدْ أهلـكَ الحييـنِ : عــاداً ، وَ جرهـمـا

هــوَ الأزلـــمُ الـخــداعُ ، يـحـفـرُ إنْ رعـــى .. وَيَـغْــدِرُ إِنْ أَوْفَـــى ، وَيُـصْـمِـي إِذَا رَمَــــى

فَـكَــمْ خَـــانَ عَـهْــداً، واسْـتَـبَـاحَ أَمَــانَــة ً.. وَأخــلــفَ وعــــداً ، وَاسـتـحــلَّ مـحـرمــا

فـــــإنْ تــكـــنِ الأيـــــامُ أخــنـــتْ بـصـرفــهــا .. عَــلَــيَّ، فَــــأَيُّ الــنَّــاسِ يَـبْـقَــى مُـسَـلَّـمَــا ؟

وَ إنـــــــي لأدري أنَّ عــاقــبـــة َ الأســــــــى .. وإِنْ طَـــــالَ ـلاَ يُـــــرْوِي غَـلِــيــلاً تَـضَــرَّمَــا

وَلَـكِـنَّـهَـ ا نَــفْــسٌ تَــــرَى الـصَّـبْــرَ سُــبَّــة ً.. عَـلَـيْـهَــا، وَتَـــرْضَـــى بِـالـتَّـلَـهُ ّــفِ مَـغْـنَــمَـــ ـــــــــــــــ ــــا

وَكَــيْــفَ أَرَانِــــي نَـاسِــيــاً عَــهْـــدَ خُــلَّـــة ٍ.. ألــفـــتُ هــواهـــا : نـاشــئــاً ، وَ مـحـكــمــا

وَلَـــوْلاَ أَلِـيــمُ الْـخَـطْـبِ لَـــمْ أَمْـــرِ مُـقْـلَـة ً.. بِـــدَمْـــعٍ، وَلَــــــمْ أَفْـــغَـــرْ بِـقَـافِــيَــ ة ً فَـــمَـــا

فـيــا ربــــة َ الـقـبــرِ الـكـريــمِ بــمــا حــــوى .. وَقَــتْــكِ الــــرَّدَى نَـفْـسِــي وَأَيْـــــنَ؟ وَقَـلَّــمَــا

وَهَــــلْ يَسْـتَـطِـيـعُ الْــمَــرْءُ فِــدْيَـــة َ رَاحِـــــلٍ .. تَــخَــرَّمَــ ـهُ الْــمِــقْـــد َارُ فِــيــمَـــنْ تَــخَـــرَّمَـ ــا؟

سـقـتـكِ يـــدُ الـرضــوانِ كــــأسَ كــرامــة ٍ.. مــنَ الكـوثـرِ الفـيـاضِ معسـولـة َ الـلـمـى

وَ لاَ زالَ ريــــحــــانُ الــتــحــيــة ِ نــــاضــــراً .. عـلــيــكِ ، وَ هــفـــافُ الــرضـــا مـتـنـسـمــا

لِـيَـبْـكِ عَـلَـيْـكِ الْـقَـلْـبُ، لاَ الْـعَـيـنُ؛ إِنَّــنِــي .. أرى الـقـلــبَ أوفــــى بـالـعـهــودِ وَ أكــرمـــا

فـــــــواللهِ لاَ أنـــســــاكِ مـــــــا ذرَّ شـــــــارقٌ .. وَمَـــــا حَــــــنَّ طَـــيْـــرٌ بِــــــالأَرَا كِ مُـهَـيْـنِـمَـ ـــــــــــــــ ـــــا

عَــلَـــيْـــك َ سَــــــــلاَمٌ لاَ لِــــقَـــــاء َة َ بَــــعْـــــدَ هُ .. إِلَــى الْحَـشْـرِ إِذْ يَـلْـقـى الأَخِـيــرُ الْمُـقَـدَّمَـا