قال تعالى في كتابة العزيز {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} سورة التوبة الآية 36 ، وعدة الشهور عند الله كما خلقها ورتبها من بداية الزمان ، وذلك الدين القيم أي تحريم الأشهر الحرم هو الدين الصحيح دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام جدا نبيا محمد صلّ الله عليه وسلم ، ولا تظلموا فيهن أنفسكم أي لا تجعلوا الحلال حرامًا  فيحل عليكم غضب الله وتظلمون أنفسكم .

ما هي الأشهر الحرم

الأشهر الحرم أربعة أشهر كما ورد في الآية الكريمة ، ويوجد ثلاث أشهر منها متتالية وعي ذي القعدة وذي الحجة ومحرم والشهر الوحيد المنفرد هو شهر رجب ، وقد أخرج الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيها عن الرسول صلّ الله عليه وسلم أنه قال  في حجه الوداع “إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ، ثلاثة متواليات : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، ورجب ، شهر مُضر ، الذي بين جمادى وشعبان”

وتم تسميتها بالأشهر الحرم لأن العرب في الجاهلية كانوا يقومون بتعظيم هذه الأشهر ويحرمون فيها القتال وفيها كانوا يمتنعون عن الحرب وسفك الدماء إعمالًا لشريعة سيدنا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وظل الحال هكذا حتى دخول الإسلام ، ولكن العرب في الجاهلية أحيانًا كانوا يستبدلون الأشهر الحرم يحلونها عام ويحرمونها عام ، قال تعالى في كتابه العزيز {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} سورة التوبة الآية 37

والأشهر الحرم على النحو التالي :

محرم : هو أول شهور السنة الهجرية يحرم فيه القتال ويطلق عليه الشهر الحرام .
رجب : سمي بهذا الاسم لأن العرب كانت ترجب فيه رماحها أي أنها تنزع فيه النصل من الرماح وتتوقف عن القتال ، وكان رجب يسمى مضر لأنه لا ينادى فيه بالقتال ولا يُسمع به صوت السلاح .
ذو القعدة : أول الأشهر الحرم وسمي بذلك الاسم لأن العرب كانت تقعد فيه عن القتال .
ذى الحجة : هو شهر الحج وأداة المناسك وفيه عيد الأضحية وقد سمته العرب بهذا الاسم قبل الإسلام لأنهم كانوا يحجون فيه .

لماذا سميت الأشهر الحرم بذلك

من أجل حرمتها ولتحريم الله تعالى القتال فيها ، وكانت الأشهر حرامًا لأن الناس كانوا يقصدون فيها بيت الله الحرام الكعبة المشرفة من شهر ذي القعدة إلى شهر محرم وكان شهر ذي الحجة هو شهر الحج ، قال الله تعالى {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} ، كما أن في الأشهر الحرم تغلط فيها الآثام ولذلك تزيد فيه الدية عند السادة الشافعية وطائفة من العلماء ، وقد نقل عن قتادة قوله : ” إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم في سواها ، وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا ، ولكن الله يعظم في أمره ما يشاء “

وقال الإمام القرطبي رحمة الله عليه ” لا تظلموا فيهن أنفسكم أي بارتكاب الذنوب، لأن الله جل وعلا إذا عظم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة ، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيئ ، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح ، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال “

جواز الصيد في الأشهر الحرم

الصيد في الأشهر الحرم جائز شرعًا إلا في مكة المكرمة والمدينة المنورة وغير جائز إذا كان المسلم محرمًا للحج أو للعمرة .