سورة الحجرات هي سورة مدنية نزلت في العام التاسع للهجرة، وعدد آياتها ثماني عشرة آية، وهي من المثاني، ترتيبها في المصحف التاسعة والأربعون، نزلت بعد سورة المجادلة، وبدات بأسلوب النداء ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾. سُميت السورة بالحجرات نسبةً إلى حجرات زوجات النبي محمد؛ حيث كان لكل واحدة منهن حجرة في مؤخرة المسجد النبوي.
سبب تسمية سورة الحجرات
سُميت سورة الحجرات بهذا الاسم نسبة إلى حجرات النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد نزلت فيها آيات تتعلق بأدب الحديث مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الآيات:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (الحجرات: 1).
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ" (الحجرات: 2).
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ" (الحجرات: 2).
وبذلك، فإن سبب تسمية سورة الحجرات بهذا الاسم هو أن فيها آيات تتعلق بأدب الحديث مع النبي صلى الله عليه وسلم، وحجرات النبي صلى الله عليه وسلم هي المكان الذي كان يسكن فيه في المدينة المنورة، وكان الناس يأتون إليه في حجراته ليسألوه عن الدين، أو يشكوا إليه أمورهم.
وصايا سورة الحجرات
أوصانا الله عز وجل من خلال سورة الحجرات بالعديد من الوصايا الهامة والتي من الواجب أن يتحلى بها كل مسلم اليوم وهي على النحو التالي:
1- فتبينوا.
2- فأصلحوا.
3- أقسطوا.
4- لايسخر.
5- لا تلمزوا.
6- لا تنابزوا.
7- اجتنبوا كثيرا من الظن.
8- لا تجسسوا.
9- لايغتب.
تلك الوصايا هي الوصايا التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سورة الحجرات وهي واجبة على الفرد المسلم وأن يعمل بها حتى لا يقع في المحظورات ويغضب الله عز وجل.
مواضيع سورة الحجرات
سورة الحجرات من السور المدنية التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة وعدد آياتها هو 18 آية وقد تناولت تلك السورة مجموعة من الأحكام التي تتعلق بالمجتمع الإسلامي والمسلمين، وقد قامت على بعض من الآداب العامة والخاصة، ومن بين الآداب الخاصة العلاقة بين نبي الله صلى الله عليه وسلم وبين الأمة الإسلامية كلها وقد ورد في السورة وجوب طاعة الله، بالإضافة إلى ضرورة طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والتحذيرات التي وردت عن مخالفة الله ورسوله وأن يخفض الناس أصواتهم عند الحديث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعظيما وإجلالا إلى مقامه الشريف كما أمرت السورة المؤمنين بضرورة التأكد من الأخبار أولا قبل أن يتم نشرها، وأيضا الطريقة التي لابد من أتباعها عند فض النزاعات التي تحدث بين المسلمين وبعضهم البعض وقد حذرت من حدوث تفكك في الجماعات وإثارة المشاكل بينهم وبين بعض.
كما حذرت المسلم من عدة أشياء من بينها الهمز واللمز والتجسس، كما أمرت بالمساواة بين الشعوب وبعضهم البعض مع أختلاف الألوان والأجناس، وأن الفضل بين الناس وبعضهم البعض هو التقوى وقد ختمت السورة بالأعراب والحديث عنهم وقد ميزت السورة بين كل من الإسلام والإيمان وقد بينت الصفات الخاصة بالمسلمين وبينت ما هي المواصفات والشروط الخاصة بالمؤمن الكامل، وضرورة التأدب عند مخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خصائص سورة الحجرات
فقد تناولت سورة الحجرات المزيد من الضوابط والخصائص التي تخص المجتمع الإسلامي وقد ساعدت تلك السورة على تحقيق الغاية في توجيه المجتمع الإسلامي على النحو التالي:
1- بينت السورة جميع الضوابط التي التي تجمع بين مصادر التشريع وبين المجتمع الإسلامي، وقد بينت ما هي العلاقة بين المجتمعات وبعضها البعض وعلاقة المجتمع بالإنسانية.
2- جميع الآيات الخاصة بسورة الحجرات قد نزلت في وقت معين ومناسبة معينة ويظهر أهميتها بالنسبة طبيعة الأمور التي تمت من خلال السورة معالجتها، والأخلاق السليمة هي الأخلاق التي لديها القدرة على التعامل مع الواقع بكل ما يوجد به وتعمل تلك الأخلاق على ترجمة جميع التوجيهات التي تدور من حولها في المجتمع.
3- كما حدث تناسب دقيق بين جميع الآيات وبعضها البعض وخاصة الخواتيم نظرا لطبيعة المواضيع التي تناولها الله عز وجل في السورة.
ويعد السبب الرئيسي لنزول تلك السورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قدِمَ رَكْبٌ منْ بنِي تميمٍ على النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَ أبو بكرٍ أَمِّرْ القَعْقَاعَ بنَ مَعْبَدِ، وقالَ عمرُ بلْ أمِّرْ الأقْرَعَ بنَ حَابسٍ، فقالَ أبو بكْرٍ ما أردْتَ إلى أو إلَّا خلافِي، فقالَ عمرُ ما أرَدْتُ خلافَكَ، فَتَمَارَيَا حتى ارتفعتْ أصِواتُهمَا.