الأشهر الحرم هي الأشهر التي حرم فيها الله سبحانه وتعالى القتال، وهي أربعة أشهر، ذو القعدة، ذو الحجة، محرم، رجب، حيث قال الله سبحانه وتعالى (ان عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ )، ” سورة التوبة” وكانت تلك الأشهر لها أهمية وتعظيم كبير عن العرب ويحرم فيها ارتكاب أي من الكبائر، وبعد ذلك جاء الإسلام وأمر بحرمة القتال في تلك الأشهر إلا في حالة الرد على أي عدوان.

خصائص الأشهر الحرم

الأشهر الحرم وهي من ضمن الاشهر الهجرية لها العديد من الخصائص التي ميزتها عن باقي الأشهر، والتي حددها المركز العالمي للفتوى، وهي :

ـ أنها فيها فضل كبير، حيث يضاعف الله سبحانه وتعالى لعباده الأجر والثواب، ويضاعف فيها أيضًا الإثم والذنب، لعظمتها وفضلها.

ـ يحرم في تلك الأشهر القتال، حيث قال الله سبحانه وتعالى ” يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ).. البقرة 217.

ـ شددّ الله سبحانه وتعالى على حرمة الظلم فيها، فقال تعالى ” فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُم).. التوبة 36.

وترجع الحكمة وراء تحريم الله سبحانه وتعالى القتال في تلك الأشهر، حتى يتمكن الأفراد من التجار والحجاج والمعتمرين من الوصول إلى مكة المكرمة أو الأسواق بأمان، وأن يعودوا إلى بلادهم وبيوتهم بأمان أيضًا.

لماذا سُميت الأشهر المحرمة بهذا الاسم

سُميت الأشهر المحرمة بهذا الاسم لأن الله سبحانه وتعالى حرم فيها القتال، وكان ذلك في الجاهلية، فتلك الأربعة أشهر هي أشهر حرم لأن الناس يقصدون بيت الله عز وجل من ذو القعدة إلى محرم للسفر إلى البيت، ثم الحج في شهر ذو الحجة، ولذلك تلك الأشهر يُحرم فيها القتل، ويُحرم فيها الظلم، حيث أمر الله تعالى أيضًا بتجنب ظلم النفس، فقال، فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ، ( التوبة: 36).

أما بخصوص الصيد في الأشهر الحرم، فهو جائز إلا في مكة والمدينة وإذا كان المسلم محرما للحج، والدليل على ذلك أن الصحابة قاتلوا الروم ولم يُذكر عنها أنها تركوا القتال في الأشهر الحرم، والدليل سرية الصحابي عبدالله بن جحش كانت في رجب، حين استعظمت قريش ذلك وقالوا ” استحل محمد وأصحابه القتال في الشهر الحرام؛ فأنزل الله تعالى قوله: يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله “البقرة:217”.

الأشهر الحرم في السنة النبوية

جاء في السنة النبوية أيضًا توضيح الأشهر الحرم، وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، كما جاء في الصحيحين من حديث أبي بكر رضي الله عنه، عن النبي صلّ الله عليه وسلم قال “إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب، شهر مُضر، الذي بين جمادى وشعبان”.

وأوضح القرطبي في تفسيره لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، ذلك لتوضيح أن الله سبحانه وتعالى عظم الذنب في تلك الأشهر، وضاعف العقاب بالعمل السيء، فكما تكون الحسنة مضاعفة يكون الخطأ والعقاب مضاعف أيضًا، فمن يطيع الله بالعمل الصالح ثوابه أكبر ممن يطيع في الأشهر العادية، ومن يعصي الله فيهم عقابه أكبر من عقاب الخطأ في أي شهر آخر، واستدل القرطبي على ذلك من قوله (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) [الأحزاب:30] .