تحتاج الحامل على مدار أشهر الحمل إلى رعاية خاصة تشمل الاهتمام بصحتها وصحة جنينها وضمان حصول كل منهما على التغذية المناسبة، التي تضمن مرور الجنين بمراحل النمو الصحيحة دون إلحاق الضرر بصحة الأم. وما أن يأتي شهر رمضان المبارك على الحامل، حتى تسمع الكثير من الأقوايل المتضاربة بشأن وجوب صيامها من عدمه، مما يدخلها في حيرة عظيمة حيال إمكانية أدائها لتلك العبادة. وهنا تتضح أهمية معرفة حكم إفطار الحامل في رمضان كما ورد عن أئمة المسلمين وعلمائهم.
تعريف الصيام
تَعني كلمة الصيام في اللغة الامتناع عن شيء ما، أما في الاصطلاح فهي عبادة عظيمة يتقرَّب بها العبد المسلم لله سُبحانه وتعالى بالامتناع عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر حتى غروب الشمس. وقد فرض الله تعالى صيامَ شهر رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصيام، فقال تبارك وتعالى في سورة البقرة: “يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۚ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥۚ وَأَن تَصُومُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ”.
حكم إفطار الحامل في رمضان
أجمع علماء المسلمين أن للمرأة الحامل أن تفطر في رمضان إذا تحقق خوفها على نفسها أو على جنينها، ويتحقق الخوف إما برأي طبيب مسلم ماهر أو بالتجربة السابقة؛ كأن تكون قد مرت بضعف شديد أو هبوط أو مشاكل مرتبطة بصحتها أو صحة جنينها، سواء في ذات الحمل أو في حمل سابق، مما يوحي باحتمالية التعرض لنفس المشاكل مرة أخرى.
كفارة إفطار الحامل في رمضان
ورد عن علماء المسلمين في كفارة إفطار الحامل وكذلك المرضع في شهر رمضان ما يلي:
- إذا أفطرت الحامل في شهر رمضان خوفًا على صحتها هي، فهي في حكم المريض الذي أفطر خوفًا على نفسه، وهو أمر يُرجى شفاؤه، لذا عليها قضاء ما أفطرته في أيام أُخَر بعد انقضاء أشهر الحمل وتحقق الاستطاعة، وهو ما لم يختلف عليه أهل العلم، لقوله تعالى في سورة البقرة: “فَمَن كَانَ مِنْكُم مَريضًا أَو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أيَّامٍ أُخَر”.
- إذا كانت الحامل بصحة جيدة، وأفطرت خوفًا على جنينها فقط، فعليها كفارة إطعام مسكين عن كل يوم أفطرته، مع قضاء تلك الأيام فيما بعد، بعد انقضاء أشهر الحمل. كما ذهب بعص العلماء إلى أن الكفارة تكون على المُرضِع التي خافت على ولدها فقط، أما الحامل إذا خافت على جنينها فعليها القضاء فقط بلا إطعام؛ لأن المرضِع ممكن أن تسترضع لولدها، أما الحامل فيُعَد جنينها جزء منها.