جاءت الأحاديث بشكل قاطع ونهائي في تحريم لعبة النرد وهي المعروفة بلعبة الطاولة وما جاء على شاكلتها من الألعاب التي يستخدم فيها الزهر وسوف نتناول العلة وراء تحريم النرد وأقوال العلماء في ذلك والأحاديث التي وردت فيها.
تعريف النرد وحكمه:
يعرف النرد في بلاد العرب بالطاولة ويوجد به الزهر وهو يأتي في صورة مكعب يُرمى به داخل صندوق به حجارة ويتم نقل هذه الحجارة حسب الأرقام التي يأتي بها الزهر، وقد أجمع العلماء على تحريم النرد، وقد جاءت الأحاديث الدالة على تحريم اللعب به، ومنها ما رواه الإمام مالك عن أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: «من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسول»، وجاء في حديث آخر بلفظ النردشير وهو ما رواه الإمام مسلم وأبو داود من حديث بريدة رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال: «من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه».
الحكمة من تحريم النرد:
وضح العلماء ومنهم أبو الوليد الباجي أن العلة والحكمة وراء تحريم النرد أنه مما يلهي عن ذكر الله تعالى غالبًا، وكذلك لأنه نوع من أنواع الميسر يقصد به المبالغة فيما لا منفعة فيها من عمل دين ولا دنيا، وهو نفس المعنى من تحريم الله تعالى للخمر، فقد قال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:91].
وقد جاء في كتاب عون المعبود في بيان علة التحريم؛ أن التعويل فيه على ما يخرجه الكعبان أي الحصا ونحوه فهو كالأزلام، وأي لعبة تكون فيها تلك المكعبات ويرمى بها فإنها من النرد فيما يظهر؛ لأنها كالأزلام وربما جرت إلى القمار، أو إضاعة الصلاة ونحوه مما ذكره العلماء في علة التحريم.
وقد أوضح د. أحمد الخليل في ذكره لمسألة علة تحريم اللعب بالنرد، أنه ذهب جماهير العلماء من الأئمة الأربعة وغيرهم إلى تحريم النرد ولو كان بغير عوض، واختلفوا في علة تحريمه على أقوال:
– أن علة التحريم جاءت لما فيه من الحرز والتخمين والحظ.
– أن العلة تأتي في التشبه بالمجوس، أو التشبه أهل الكتاب أو أهل الفسق.
– أنه من ميسر العجم كما جاء عن الحسن.
– كون النرد وضعت على عقيدة المجوس.
– كون النرد وسيلة وذريعة للقمار والميسر أو للصد عن ذكر الله.
– أن علة التحريم كون النرد يصد عن ذكر الله وعن الصلاة غالبًا وتسبب العداوة والبغضاء.
وتعد العلة الأخيرة وهي أن النرد يصد عن ذكر الله وعن الصلاة كما يسبب العداوة والبغضاء هي أقوى العلل، وذلك لما جاء فيها من النصوص ومنه قول بن تيمية: «فإن ما في النرد من الصد عن ذكر الله وعن الصلاة؛ ومن إيقاع العداوة والبغضاء: هو في الشطرنج أكثر بلا ريب وهي تفعل في النفوس فعل حميا الكؤوس. فتصد عقولهم وقلوبهم عن ذكر الله وعن الصلاة أكثر مما يفعله بهم كثير من أنواع الخمور والحشيشة. وقليلها يدعو إلى كثيرها فتحريم النرد الخالية عن عوض مع إباحة الشطرنج مثل تحريم القطرة من خمر العنب وإباحة الغرفة من نبيذ الحنطة»