من أكثر ما قد لفت النظر خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمملكة خلال اليومين السابقين هو انتباهه لبعض العادات والتقاليد العربية والتي لم تكن معروفة لديه من قبل، فقد تعلم الرئيس الأمريكي ترامب عادات شرب القهوة العربية وهي هز فنجان القهوة، حيث أظهرت لقطات مصورة للمراسم يظهر فيها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله وهو يشرح لضيفه معنى هز فنجان القهوة وهو من أهم مظاهر الضيافة التراثية في منطقة الخليج العربي، ولكن يبدو أن الرئيس الأمريكي لم يفطن جيدا معنى هز الفنجان بناء على رد فعله الذي اقتصر على محاولة وضع الفنجان على الطاولة ثم تسليمه مباشرة للساقي، فما سر هز فنجان القهوة؟ وما هي عادات وتقاليد العرب المتعلقة بالقهوة العربية ؟

سر هو فنجان القهوة
لتقديم القهوة عادات وتقاليد تتوارثها الأجيال في كل المجتمعات العربية عامة وفي المجتمع السعودي خاصة، فلطريقة تقديم القهوة قواعد أساسية لا يمكن التنازل عنها أو إغفالها مثل هز فنجان القهوة والتي يقوم بها الضيف عادة في المجلس، وقد بدأت هذه العادة قديما عندما كان شيوخ المجالس يعينون شاب لصب وتقديم القهوة في مجالس، ويكون هذا الشاب لا يسمع ولا يتكلم حتى لا يتصنت لحديثهم ويقوم بإفشاء الأسرار.

لذلك صارت هناك إشارات معينة تفيد بصب فنجان قهوة آخر من أجل أن يعلم القهوجي ان الضيف يحتاج إلى قهوة أو اكتفى، فعندما يقوم الشيخ بهز فنجانه يدل على الاكتفاء إذ تعتبر حركة هز الفنجان من الحركات التي تدخل في لغة الإشارة عند العرب وهي حركة تعبيرية تتألف من حركتين ولكل حركة مغزاها الخاص:

فمثلا الحركة الأولى وهي رفع راحة اليد التي تحمل الفنجان إلى خارج الجسم قليلا والتي تعني طلب الابتعاد بالقهوة.

أما الحركة الثانية فهي عن طريق رفع راحة اليد المذكورة للأعلى والتوقف للحظات مع هز الفنجان والتي تعني طلب التوقف عن صب القهوة وبهذا فإن من يصب القهوة يعلم أن الضيف اكتفى ويبتعد عنه.

وإلى الآن باتت هذه العادات مترسخة في المجالس ومرتبطة بصب القهوة في المجتمعات الخليجية والبدوية، وعلى الرغم من اختلاف المجالس إلا أن هذه العادات قد ارتبطت بأمور الضيافة للقهوة وبقيت في مجالسنا وتناقلتها عبر الأجيال

عادات أخرى مرتبطة بتقديم القهوة العربية عند العرب
هناك الكثير من العادات التي ارتبطت بتقديم القهوة العربية وليس فقط هز فنجان القهوة، بل إن للقهوة العربية أصول مترسخة في أذهاننا إذ تحافظ عليها الآن شيوخنا في مجالسنا العربية إلى يومنا هذا، ومن هذه العادات:

1- طريقة التقديم: من أهم عادات تقديم القهوة العربية هي أن يقدم الفجان باليد اليمنى ودلة القهوة تمسك باليد اليسرى، وأن تقديم القهوة باليد اليسرى يعني إهانة للضيف فمن المعيب تقديم القهوة باليد اليسرى.

2- كمية القهوة في الفنجان: تعرف في المجتمعات العربية والبدوية ” صبة الحشمة” وهي من الهادات الأصيلة المرتبطة بحسن الضيافة، فلا يجب ملء الفنجان حتى مع صغر حجمه، ولكن القهوة يكون للثلث وفي حال زادت الكمية عن ذلك فهذا يعني إهانة للضيف وأنه غير مرحب به وعليه أن يغادر المجلس سريعا.

3- عدد مرات الشرب: من بين العادات والتقاليد المرتبطة بالقهوة العربية أيضا هي المسميات الخاصة التي تطلق على كل مرة يشرب فيها الضيف فنجان القهوة وهي كالتالي:

– فنجان الهيف: وهو أول فنجان يشربه المضيف ليثبت للضيف أن القهوة ليس بها أي شئ يؤذيه.

– فنجان الضيف وهو عنوان للإكرام والمعزة والذي يشربه الضيف.

– فنجان الكيف وهو الفنجان الذي يشربه الضيف للاستمتاع بطعم ومذاق القهوة.

– فنجان السيف: وهو الذي يشربه الضيف والذي يرمز إلى أن الضيف يقف مع مضيفه في حالة تعرضه لأي أذى.

فلاتزال القهوة العربية بمذاقها الرائع هي من أهم العلامات المميزة لكل المناسبات لأنها جزء أساسي من المجالس وهي الرفيق الأول في الفرح والترح وهي أسلوب للضيافة العربية في مختلف العصور، فما الذي بك أيتها السمراء حتى عشقك الجميع!